لهم من يريدون ولي أبي...

طالعت في صحيفة هجوما على المفكر الإسلامي الذي قال ...وقال...، ضحكت وضحكت، هل يتكلمون عن ابي؟؟؟ ...يا أبي الحبيب جدا...عاد بي الزمن سنوات وسنوات، أهذا الرجل الذي قال وفعل هو ذلك الأب الذي كنت وما زلت أراه خير الرجال وأوفرهم حظا من البهاء والهيبة والاحترام، أهو ذلك الأب الذي وقف عمره عندي عند سنته الثانية والأربعون عندما سألتني أم صديقة لي كم عمر أباك، فذهبت متسائلة لأمي فقالت لي "اتنين وأربعين".

هذا المفكر الذي يهاجمون عاطلا على باطل ما الذي خلفه لي أنا الإبنة؟؟؟...الكثير الكثير...أما كان هذا المفكر هو الذي راقبني وإخوتي بعين الصديق، الخبير، المراقب، الحاني نكبر، ونخطيء، نسير ونقع، أليس هذا المفكر أول من فرح لفرحي واعتصر قلبه الألم لتعاستي، ليتهم يعلمون عن هذا المفكر ما أعلم، يتسابق في مسابقات أولاده الرياضية، ولا يفوت مجلس آباء لأي من أولاده إلا ويحضره ويساهم فيه علميا وتربويا، وتدرس على يديه بناته وأولاده مناهج اللغة العربية والدين والتاريخ، ويترك المجال لأمهم رحبا لتنمي ما وهبه الله لبعضهم من مواهب علمية فيأتي لها بكل ما تطلبه من مواد مكتبية وعلمية حتى تتحول غرفة صغيرهم إلى معمل صغير ويتحول الحمام الثاني في المنزل إلى مركز لتكاثر العناكب ليراقبهم الصغير عن كثب في دورة الحياة والتوالد، أليس هذا المفكر من أكل كل طعام وضع له دون تذمر حتى المحروق والبارد وهو يقول "ما أطعمه"، ألم يكن يترك له أولاده الأطباق في حوض المطبخ ليلة كل خميس لعلمهم يقينا أنه سيغسلها صباح الجمعة وهو يعد القهوه له ولأمهم...ألم يضحك الخمسة وأمهم تؤنبهم مرارا وتكرارا على هذا وهو ينظر لهم من تحت النظارة ولسان حاله يقول "آه منكم". الم يرافقهم على اختلاف اعمارهم لمعارض الكتاب ولندواته ولحفلاته.

هذا هو المفكر الذي أسعد أمهم بقيامه بكل صغير وكبير معها، ذات الرجل نفسه الذي لم يؤنبها على فعل أو قول إطلاقا أمام صغارهم، الذي كان يسبر معها قبيل الغروب كل يوم في إجازتهما الصيفية على شاطئ البحر والأبناء يسيرون ويركضون حولهم ثم يعرج على مياه الشاطئ فجأة ويرش عليهم وعليها بعضها، الذي أحبها وما زال حتى بعد أن إختارها الله قربه، الذي علمهم كيف يحملون لمن يحبون الورود الحمراء والكعك الملفوف في السولوفان الأحمر. هو من أحضر لابنته الصغرى شرائط مارسيل خليفة كلما زار لبنان، ومن يضع في سيارته شرائط فيروز لتسمعها زوجته في سفرهم معا.


هذا هو المفكر الذي دفع أولاده قدما ومازال، المفكر الذي ترك لهم الطريق واسعا لاختياراتهم وإن خالفت ما أراد لهم، الذي تحمل انتقادات الاقارب والأحباب وهو يترك بناته يسافرن للعمل في معسكر صيفي وهم بعد صغار خارج بلادهم وهو يقول "مش هيقدروا قيمة بلدهم إلا لما يبعدوا عنها شوية". الذي كان يتفق مع أمهم على برامج القراءة الصيفية وتعلم اللغات والدورات المختلفة لأولادهم. الذي لم يستقبلهم سوى بالحب والإبتسام والترحاب حتى وهو مبحر بين الورقة والقلم، الأب الذي كان يقول " التكرار يعلم..." وعندما يردون "الحمار" يضحك و يقول :لأ...الشطار" الأب الذي إحترمهم وعلمهم كيف يحترمون من حولهم.

هذا المفكر هو نفس الأب الذي كان أول من قرأ القرآن مع أولاده، وكانت أول خريطة يرون خريطة أتى لهم بها لمصر، ثم لفلسطين والسودان وهو يقول "ده امتداد مصر القومي، نظروا له في تعجب وهم يقولون "يعني ايه قومي؟؟، هو ذات الرجل الذي حدثهم عن حمزة سيد الشهداء، وجلس معهم كل خميس في "سوق الخميس ملتقي لهم ولاولاد خالتهم" يحكي لهم فيه الحكايات. هذا المفكر الذي يهاجمون هو ذات الرجل والأب الذي حكي لاولاده وحدثهم مرارا وتكرارا عن القسام، وحرب فلسطين، واللد والرملة، عن مصر القومية القائدة، عن ثورة 19، عن سعد زغلول، عن النحاس، عن الشهيد عبدالمنعم رياض، عن نصر اكتوبر، عن سليمان خاطر، عن ثورة مصر، والإمام الشهيد، والرجل الوحيد الذي سار في جنازته المصري المحترم مكرم عبيد.

يسير بقامة مرفوعة، ويكتب بقوة، ويخطب بصوت جهوري يهز الوجدان، ويتكلم عن مصر لا كمجرد بلد وإنماأمة لها شعب عظيم، ويحب الفول والطعمية صباح الجمعة، ولايعلو صوته إلا في الحق....

فاليتقول عليك من يريد...وليقول من يريد ما يريد....فلهم انت لست منهم ...ولي انت ابي...

هناك 6 تعليقات:

أحمد عتمان - Ahmed Etman يقول...

ربنا يخليهولكوا و يحفظه من كل شر

mariam يقول...

أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

غير معرف يقول...

عيطيني يا فاطمة ، ماهو أبي برضو ، وليا حق عليه ومصر كلها ليها حق عليه ، وأنا إفديه بحياتي وأموت شهيد دفاااعا عنه بس هو مش محتاج الحقيقة ،. وأي كلام بيتقال عنه حيلاقي مليون شهيد يدافعه عنه ، عجبني كلامك جدا ومس قلبي وحببني فيه أكتر ، بس أكتر من كذه أييه ، مفيس إضافة ليا مانا عارف ، بس أنا عائز أكتر عائز كل مصر تشاركك في عائز أبوته تكون لكل مصر علشان مصر تستأهل منه ومنك ومني كذه وعلشان هو اللي ينفع يكون كذه ، ينفع يكون لمصر ملهم وقائد وزعيم ، أبوكي آه إنما لينا كلنا رئيس لمصر كلها. سيف احمد بشارة

Dalal Saied يقول...

حديث من القلب يدخل الى القلب مباشرة,والله أبكيتيني وفي نفس الوقت أسعدتيني بمعرفة جانب من حياة دكتور العوا ماكنتش أعرفه وكتير غيري ميعرفوش .دكتور العوا رجل عظيم ليكي حق تفخري بيه ولنا أيضا ذلك الحق.ربنا يبارك فيه ويحميه وأقول له ,والله لن يخزيك الله أبدا.

L.G. يقول...

تحياتي
على الرغم من كل ما ذكرتيه عن والدك أجدني أشتاق لوالدي وأتمنى لو عاصرته حتى لو كان لا يحمل الا عشر علم والدك

وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ..أو غير الثمار المثمرة يقذف ؟
كل ما كتبتيه علمته من والدك في سمته وخلقه تنطق تلك التصرفات
لي صديقة لم تصدق عندما ذكرت لها سن والدك
موقفه من الرئاسة صحيح هو لها إن لم نجد الشخص المناسب وهو بعيد عنها كفاه الله وطأتها إن استطاع غيره أن يتحملها
فهمت كل ما حكى لكم عنه ما عدا كلمة اللد والرملة ؟ أهي في الشام
ومن الإمام الشهيد
أتريدين تكريم والدك ورد الجميل ..
اجعليه والدا لنا جميعا واكتبي لنا واحكي لنا عن كل ما حكاه لكم فتسير حسناته تثقل ميزانه فيدعو لك

واطلبي منه رجاء أن يدعو لي

حسن مدني يقول...

نعم يا سيدتي، هو لنا الوالد والعم والصديق والمعلم والمفكر.
ونعم الوالد والعم والصديق والمعلم والمفكر والثائر.

هو الذي علمني السيرة النبوية، ومازلت أذكر بعض عباراته بصوته بعد هذه السنين الطوال. وهو من علمني مبادئ الفقه، ثم مبادئ أصول الفقه، وعلني أسباب اختلاف المذاهب في أحكامها.

هو الذي علمنا نظريا وعمليا، حرية الرأي، وحرية التفكير.
فهو الذي لم أره غاضباً يوماً من مخالفته في الرأي، وكنا إذا خالفناه راجعنا في الحقائق و المنطق، فإذا كانت الحقائق عندنا واحدة والرأي مختلف، قبل ذلك دون ضيق، بل ربما بسعادة أن تلامذته قد أصبحوا قادرين على أن يكون لهم رأي مخالف، ولو خالف رأيه.

هو العم الذي أهداني أول كتاب اقتنيته في حياتي، وهو الكتاب الذي جعلني أحب التاريخ وأدرسه.
هو العم الذي لم يبخل علينا يوماً بوقت ولا جهد، ولا نصيحة ولا رأي، ولا تقويم وتصويب إذا أخطأنا.

هو رجل لا أملك أن أرد له بعض دينه الذي فر عنقي، فجزاه الله عنا كل خير.

هو الرجل الذي رأيته دائماً ثابتاً على موقفه، مادام يراه صواباً، فإذا تبين له غيره، لم يتردد في أن يقول كان هذا خطأ، وأنا أرجع عنه. ويقولها علناً قبل أن يسأل عنها.
هذا الرجل الذي نعرفه أنا وأنت، هو لنا الوالد والعم والصديق والمعلم.

أما المفكر البارز، والمحامي القدير، والفقيه القانوني، فهو شخصية عامة. من حق كل إنسان انتقاده ومراجعته ومخالفته. هكذا علمنا هو نفسه. وإن كان الواجب أن يكون النقد والمخالفة في حدود الاحترام والتهذيب. أما من خرج على حدود الأدب، فقد قال تعالى "وأعرض عن الجاهلين". فهؤلاء نعرض عنهم، فلا يكون لهم وزن.

تحياتي