قالوا لى بتحب مصر، قلت مش عارف أنا لما أشوف "مصر" على الصفحة بكون خايف ما يجيش في بالي هرم، ما يجيش في بالي نيل ما يجيش في بالي غيطان خضرا وشمس أصيل ما يجيش في بالي عرابي ونظرته في الخيل ولا أم كلثوم في خمسانها ولا المنديل ما يجيش في بالي العبور وسفارة إسرائيل قالولي بتحب مصر، أخدني صمت طويل وجت في بالي ابتسامة وانتهت بعويل تميم البرغوتي... ...

مرة أخري....أمي...

سليم وعايدة أبنائي الإحباء جدا....تسمعون مني دائما عن جدتكما نينة اسمهان ....التي كنت دائما اعتقد أني أعرفها تمام المعرفة....ولكن اليوم مع "الكرب العظيم" الذي أواجه وجدتني أعرفها كما لم أعرفها من قبل... بعد أكثر من 18 عاما منذ وفاتها...

أم لخمسة أبناء أصغرهم في الأول الإعدادي تواجه هذا الكرب العظيم بثبات المرة تلو المرة.....تواجهه وهي تذاكر للدكتوراه تواجهه وهي تساعد أولادها في سنواتهم الجامعية والمدرسية...تواجهه وهي زوجة لرجل لا كالرجال....تواجهه مع جدكما وصدقاني وانا أقول بكل ثبات وإيمان بتسليم تام بقضاء الله وأرادته...يقوما بكل شيء معا في الحياة وفي العلاج وفي تربيتنا ،في واجباتهما الاجتماعية....يوم علمت بمصابها لثالث مرة كانت تطبخ بط لجدتكما زيزي رحمهما الله لتأخذه معها إلي الإسكندرية....

لقد رفضت جدتكما إن تعالج في المرة الثالثة ولن أنسي قولها لجدكما..."يا محمد المسلمين مش عايزين يعيشوا للابد"...ولن انساها عندما هلعت أنا من بعض الأعراض التي انتابتها وهي تطيب خاطري وتقول " ما تتخضيش أنا عارفة اللي هيحصلي..." وقد كانت رحمها الله قد أتت بنجار لبناء مكتبة لتستوعب الكتب التي أبتاعتها حول مرضها....

لم أكن أدري يا ولدي أني ساقترب لهذا الحد من جدتكما مرة أخري.... وها أنا أراها رأي العين في كل ما أمر به الان.....

ولكن يا ولدي بعون الله أنا كأمي أدرك إن المسلمين لن يعيشوا للابد....ولكني أدرك أيضا أني أريد إن أعيش ....ليس لكما....لأن من خلقكما كفيل بكما....ولكن لي... لأراكما تكبران.....تلعبان.....تذاكران......تحبان...تتزوجان....لأراكما تعيشان.....

أنا أثق بربي أثق به.....أثق برحمته التي وسعت كل شيء وأعلم أنها ستسعنا .....أنا و ابوكما وأنتما.....وكل من يحبنا....ويدعوا لنا في مصابنا بهذا الكرب العظيم....

مع جدكما في سفري هذا ....لا ينقطع حديثنا عنكما وعن أمي... جدتكما رحمها الله...فأعرفها أكثر وأكثر.....

أمي....أعذريني إن لم أعرفك من قبل بهذا القرب....أعذريني إن لم أفهم كثيرا.....أعذريني فلم أكن أما مصابة بمصابك...لاعرفك كما أعرفك الآن...

..أحبك جدا......

من يمزق الصورة؟؟

في طريقي لمنزلك يا أبي لنفطر معا ......كل الابناء المتواجدين في مصر والاحفاد، ويمتد نطاق الابناء دائما يوم الجمعة، في الطريق صرخ اولادي ماما..أمي صور جدو العوا، قفز قلبي فرحا...لكنهم ما لبثوا ان قالوا...بس كلها متقطعة...مين بيقطع صور جدو العوا يا ماما؟؟


فعلا... دائما أجد صورك في كل مكان ولكني اجدها ممزقة كأن هناك من يتتبعها ليمزقها، أحيانا أجد صور فوقها لغيرك من المرشحين وأحيانا لا أجد لكن التمزق في كل مكان...أهكذا يخشونك..ويخشون صوتك... يخشون ورعك... يخشون قوتك... يخشون حقيقتك...يخشون علمك...ألهذه الدرجة؟؟

منذ يومين وجدت تلك المرأة تقفز عندي على تويتر معتقدة أني رجل وهي تقول "هل تعرف حقيقة من تضع صورته يا أخي..إنه إنه وإنه..." أيطعنون في دينك؟؟

 ويلاه هذا ما لم أكن اتصور ابدا...

 ليتهم كانوا معي في سيارتك وانت تجوب بنا شوارع الإسكندرية لنلحق خطبة الشيخ المحلاوي في الساحات الكبيرة قبل ان تمنع وأنت تهلل وتكبر، ليتهم استيقظوا صباحا في منزلنا بالعجمي على صوت قارئا للقرآن او لأحد كتب الفقه التي كنت تقرأ فيها بصوت مرتفع لنسمع جميعا...

ليتهم كانوا معنا عندما ختمت أول معرفة لي بالسيرة العطرة في سوق الخميس منتدانا وأولاد خالتنا صغارا، ليتهم كانوا معي وانت تذاكر لي مناهج الفقه والحديث والتفسير والتوحيد في ايام دراستنا بالسعودية...

 ليتهم ...ليتهم...صاحبونا وانت تحيلني لمولانا رحمه الله الشيخ مصطفي شلبي لأساله فيما لدي من أسئلة فقهية أرهقتك بمناقشاتها، ليتهم شاهدوك وانت تأخذني من يدي لبيته بينما يحوطني التهيب من لقاء مولانا كما تعودت أن تناديه، ليختبرني في منهج أصول السنة الرابعة حقوق، مدعيا أنك تريد أن تطمئن على فهمي للمنهج، بينما أنت في الواقع تريدني أن أجلس مجلس التلميذه ممن صاحبته في رحلة طويلة، لأدرك مقام العلم الشرعي وقدر علمائه وحملته، ويدخل علينا الشيخ هاشا باشا بقامته الطويله ويعطيني نسخة من كتابه في الأصول...

 ليتهم سمعوك وأنت تقول لي أهل السنة بيعملوا كده، نحن لا نتبع إلا السلف الصالح، أيطعنون في دينك؟؟؟

 ليتهم سمعوك وانت تقول لي شايفة وش عمك الصباغ منور إزاء... فأوميء أن نعم فتقول لي هكذا حملة الحديث يا ابنتي...

 رباه ...إني لا أعذرهم... رغم أنهم ما هرولوا ورائك في حج ولا عمرة ورغم أنهم ما ختموا معك قراءتهم الأولي للقرآن الكريم وأنت جالس على الأرض تصحح لنا النطق والحروف، إني لا أعذرهم والله لا أعذرهم...لأنهم يحكمون بلا علم...فهم ما قرؤا كتابا واحدا لك، ولم يسعوا للجلوس معك لنقاشك، وما حضروا لك محاضرة، إنما يحكمون بالعنعنة هذا عن هذا عن هذا عن هذا، دون تحقق ولا روية ولا قراءة لمقالة ولا كتاب لك...والله إني لا أعذرهم ولا أسامحهم في سبك وإن سامحتهم أنت...

إن مزقوا لك ألف صورة...فتلك التي جمعت صورك خلسة وهي صغيرة واليوم تضعها على مكتبها في العمل وفي المنزل ستحمل صورتك الحقيقية أينما ذهبت وستمررها لمن وراءها ولمن بعدهم...
 
فاليمزقوا ما شائوا من صورك...ففي قلوب أحبتك صورتك الحقيقية التي لا يعرفونها والتي لا يستحقون معرفتها بمثل هذه النفوس...
 
ألم يقل من سبقهم عن أئمة الفقه المجددين أكثر من هذا..فليقولوا ما يريدون...إنا عن قولهم هذا معرضون...وإن شاء الله للحق دوما منتصرون...

عيد الأم....

اليوم هو عيد الام..
كنت صغيرة أسأل أمي ماذا تريدين في عيد الأم فتقول لي بابتسامة هادئة وثقة... الطاعة...وكانت الإجابة ديه "بتخنقني اوي" إيه الأم ديه مش تفرح كده إن حد عايز يجيب لها هدية...
الآن أنا أم منذ 8 سنوات..أعرف سر "الطاعة" التي كانت هدية تمنتها أمي في كل عيد أم على مر السنين...
إنها ليست الطاعة العمياء..
إنها ليست التسليم دون تفكير...
إنها ليست إلغاء شخصية الأبناء والبنات...
إنها راحة القلب...
إنها الهدوء وعدم تطليع الروح بالجدل...
انها الحب والثقة فيها وفيما تقول...
إنها تعب الأم وإرهاقها طول اليوم الذي لا ينتهي بالطاعة ولا بكلمة "حاضر" وانما بإرهاقها في نقاش عقيم لا طائل منه...
إنه انتظار الأم لأبنائها لتفرح بعودتهم فإذا بهم يدخلون المنزل متجهمين ...بطلبات وخيبات أمل غبية من المدرسة لا تقارن بما مرت به هي في يومها سواء أم عاملة أم ربة منزل لترسم على وجهها ابتسامة في انتظار عودتهم للمنزل..
إنها النجاح..الذي تود كل أم أن تأخذ اولادها من أيديهم الصغيرة وتكبر الكفوف الصغيرة في يدها وهي تسير بهم لتصل بهم إليه... إلى النجاح...
إنها بسمة الشكر على أي شيء مطبوخ... حتى لو كان سبانخ...لأنها تطبخها لفوائدها الغذائية لا لشكلها ولا لطعمها...
إنها تصبحي على خير بحضن دافيء حتى لو حرمنا من مشاهدة المسلسل....لنتمكن من الاستيقاظ المبكر في المدرسة....
انها العرفان والتقدير للأسباب الخفية وراء قرارات الأم التي ليس بالضرورة أن تعلنها لنا في كل خطوة...
إنها التقدير لما تفعل...
إنها رغبتنا في أن ترانا أفضل ...
إنها كل شيء إلا ذلك المعنى السلبي الذي صاحبني صغيرة من عيد أم لعيد أم...
إنها الهدية التي أتمناها اليوم من ابني وابنتي...
رحم الله أمي ومن رحل من أمهاتنا...وحفظ من هو منهم بيننا...
كل سنة وأنتم طيبون...وهديتكم ما تحبون...وأولادكم لكم مطيعون...

عمي عبد الرحمن....بلا ندم...

انه عيد ميلاد عمي ...فكتب هو في هذه المناسبة:

الاحبه الاخوه والخوات والابناء والبنات اصحابب الشعور الجميل الذين كرمونى بالتهنئه بعيد ميلادى الثالث والسبعين لعلم الجميع واننى الان دخلت الرابعه بعد السبعين
ومع عظيم سرورى بالتهانى والمنيات الظيبه استاذنكم ان اسرد عليكم تاريخ عيد ميلاد ابناء العظيم الكريم الراحل سليم العوا وامهم الرائعه بئر الحنان وينبوع العطا وشجرةالصبر وظل الرحمه والدتنا رحمة الله عليها وامها واخوتها جميعا امين
فى الاربعينات كانيتم ذبح كبش او شراء كميات من اللحم وتحضر امى الفته وعليها قطع اللحم فى صينيه قطرها حوالى متر وتنزلنى اما انا واخوتى او منفدا مع مبروكه التى كانت مقيمه بالمنزل نحبها جدا لكن اكيد لم كن شقيقتنا ونذهب الى مسجد ابوشبانه لان مسجد احمد سالم كان به قبرا وفى مسجد ابو شبانه تنزل مبروكه الصينيه وتقدمها الى خادم امسجد والذى بدوره يشكرها وينادى على المصلين بالمسجد وهم يقبلون على الطعام ويدعونبالخير لمققدمه اما انا صاحب المناسبه فلا اكل وما ينوبنى غير المشوار لكن اشعر بسعاده لان الناس الذين اكلوا يقولون كلمات شكر للهودعاء للطفل بطول العمر وم يكن لى حيله ولا رغبه فى الاعتراض لانى علنتها هكذا
وفى الخمسينات علمت ان عيد الميلاد به تورته وشمع وغناء وتسقيف واطفاء للشموع وهدايا تهدى للمحتفى به فلما فاتحت امى العزيزه قالت لى بابا لا يسمح لان فيه تشبه بغير امور الاسلام ولم اقتنع فاحالتى اى ابى الذى قال لى انتم رجال ولا يصح انتقلدوا الجهال واللذين ليس لديهم التزام بالدين او ما معناه عليك ان تعرف خلال اعامالذى افنيته من عمرك كم حسنه فعلتها فتحمد الله عليها اوذنبا فتسال الله عنه المغفره وان الصينيه ايها انم هى صدقه وتقرب الى الله كرا لانه حفظك من العام الذى افل الى العام الجديد وفرصه اخرى لكى تحسن علاقتك مع الله بالالتزام بالصلاه لوقتها
فى الستينات كبرت شقيقتاى الصغيرتان لكن اكبرهن كانت مهتمه جدا بتتبع خطوات امها فى اجادة الطهى والحلويات وكان الوقت قد تغير وحدة ابى ضد صبيانيتنا خفت لاننا اقتربنا من سن الشباب وهنا دأبت أختى رحمها الله على عمل تورتةالفراوله بالكريم شانتييه اجمل ما يؤكل فى الربيع واجمل ما فيها هى نظرة اختى المليئه بالسعاده وانا التهم الكريمه والفراوله الطبيعيه ذات الرائحه الجميله النفاذه وكلما استطعمنا كلما زادت سعادتها واغتباطها واصبح تقديم توتة الفراوله تعنى التانى عشر من مارس الا الايامالتى كون فيها مسافرا فتقدم يوم حضورى
وهكذا اختى الحبيبه التى اصبحت بعد وفاة امنا هى امنا الصغيره ذات الكلمه المحبوبه والراى الاصوب الذى يبحث ويدل على ما تعتقده حقا وكان لى دوما منكشات لما تقول لاستخرج من قلبها كل معانى الانسانيه والحرص على الرحمه والرفض لاى شبة لمذله وقد عاشت اختى هذه اما لنا جميعا بعد ان رحلت ام الرحمة الى ان ذهبت الى ربها وحيدة بعد ان عجزنا جميعا عن ان نقدم لها ما يريجها فى رقدتها بل ولقد كرهنا عجزنا وحيرتنا وتمنيت لها ان تذهب الى خالقها فلديه الراحة والرحمه واليوم بعد ان جلست لمطالعة الصفحه بعد فترة انشغال تذكرت ان اختى العزيزه قد وعدتنى ان تحمل خطابا منى الى امى ام الرحمه وخزانةالعطاء فهل ياترى وصل خطابى يا بنت أم؟؟؟؟؟
ها هم الحبه يهنئونى وهم لا يدرون كم افتقدك انت وامك وابيك واخوالى واعمامى وجدتى لامى وجدى لابى واهلى واهل امى الذين رحلوا ابناءالحجه سنيه العظيمة العطاء
يانت تهنئونى اشكركم وارجو لكم السعاده لكن ارجوا ان تأخذوا بيدى عزاء لفقد هذا الكم العظيم من الاجباب
فلتكن لكم السعاده ولى الامل فى لقاء الاحباب هنك عند الرحمن الرحيم والتورته هناك لم ترها عين ولا سمعت بها اذان
اللهم ارنا سعادة بلادنا وحرية اوطاننا وسؤدد انتاءنا وعلة شاننا وخير الدنيا والاخره
اليتيم عبدلرحمن سليم العوا

وكان ردي عليه الآتي:


عمي الحبيب جدا..ابكتني كلماتك جدا جدا..كل من تحب احببت ايضا وكل من فقدت فقدت ايضا... وانت تتحدث عن سعاده عينيها الام الصغيرة، عرفت لاول مرة مممن ورثتها، من سعادة اعين الام الكبري...نفس السعادة التي كانت تطل من عينيها عندما امر على منزل 12 شارع شوكت جليم، من وسط البلد في الاسكندرية عندما كنت تدبر لنا الدروس الصيفية، واجد هناك صينية اكل متشالة، فيها صدر الفرخة المحمر الجميل الذهبي..."نينة شيلتي الأكل؟؟ ليه" فترد نينة بصوتها العذب وعيونها الطيبة "الله مش يمكن تيجي"....عمو...على فكرة لا يتم بعد العشرين...

دعوني أحدثكم عن هذا الحبيب الذي كتب الكلمات التي ادمعت عيون الجميع...فبعد التهنئة له..اقول عن عمي عبد الرحمن الذي عرفت...

في الطفولة المبكرة لا اذكر الا ضحكته، ضحكة قوية تطل في عيونه فورا...وحضن كبير ساعنا جميعا...ومطاردة لجدتي من غرفة لغرفة في منزلنا بجليم...كان يسير ورائها دائما مناديا اياها...

في الطفولة التي تلت..هو العم الذي يفرح جدا برؤيتنا بعد عودتنا من السفر، ويمضي الساعات مع ابي في بيت جدي، وياخذنا هو او ابي او هما معا لمكتبة جدي في شارع ابو قير لنأتي بالحلوى (بونوبوني نادلر)...هو العم الذي يشيع البهجه حوله ودائما ما يحكي القصص المثيرة ...العم الذي يقوم ويقول أغرب الاشياء دونما خوف من أحد...والعجيب دونما خناقات من زوجته فقط تضحك...وتاخذ الامور ببساطه وتحبه اكثر...)))حتى احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام...كم قرع بها اناس وانا لا ملك نفسي من الضحك ...واحد كبير بيدي ناس كبار على دماغهم كده (وش).

هو العم الذي كنا نصيف في شقته بالمعمورة...زحمة يا دنيا زحمة اوي...بس حلوة ودافية...ثم عندما زاد العدد (جدا) اصبحنا نصيف في شقة وراء شقته لنكون دوما معا...

في المراهقة...هو العم الذي تُركت لاول مرة في حياتي وحدي في منزله في المعمورة معه ومع اسرته، عندما قرر ابي أنه آن أوان استقلالنا النسبي في المرواح والمجيء...وعمي عبد الرحمن أول من اعطاني ورقة مئة جنيه عندما سالني وانا مقيمة عنده في الصيف...انت معاك فلوس (وكنت خلصت اللي معايا كله) فقلت ايوة...فابتسم واخرج هذه الورقة من محفظته وهو يقول خلي دي معاك يا طنطا (هو الوحيد الذي يقول طنطا)...كنت في اقامتي معه اصحوا معه مبكرا لاستمتع بالكلام معه ولم يكن يشرب القهوة في ذلك الوقت وانما (اللبان الدكر المنقوع ثم فنجان شاي)...كنت احب ان ازنق في يومي اي مشوار في وسط البلد لامر عليه في شركته لاستمتع ايضا بالحديث معه وربما بالعودة معه في البيجو الزرقاء الى المعمورة فنرغي شوية في السكة...

هو العم الذي ما طرأ في حياتنا امر الا قال ابي إسألوا عمكم عبد الرحمن...وعمكم محمود...ويا سبحان الله على اختلافهم جميعا ما اختلفوا على راي ابدا ولا اختلفوا في نصيحة...

هو العم الذي تابعنا صغارا، وكنت اري نظرة العطف الصامت معنا ضد ابوينا في الصغر، واصبح الاعتراض العلني احيانا على مسيرة ابوي في التربية ومنهجهما...وكنت اراه في ذلك الوقت بطلا فقد قال لا لابي وامي)))))) ومازلت اراه بطلا ورجلا لا كالرجال...الم يحرر سفينة من قراصنة...من يفعل هذا في هذا الزمن...عاري اليدين متوكلا على ربه لا ظهر له الا هو؟؟؟

هو من اخذنا ايضا مع ابي وعمو محمود صغارا في بحر المعمورة عشان نواجه الموج ونتعلم العوم...هو من كانت تسمع له امي رحمها الله وتقبل اختلافه معها عن طيب خاطر تام...بل وترجع اليه اذا ما حزبها امر ما في غير وجودابي...

هو من عرفت منه (قطعا) ان الست ست والراجل راجل...مهما ناقشته ...))))

هو من كنت الجأ اليه حتى من وراء امي وابي ولااجد عنده الا الملجا وانا اعرف يقينا انه سيخبر ابي، الذي عادة ما يخبرني ويحل معي الأمر تبعا...

عمي عبد الرحمن هو من وقف الى جواري مراهقة عندما زادتناالمراهقة رهقا...وناقشني وفتح لي قلبه على شدته وحزمة ...كان أبي الحزم والقطع و عمي عبد الرحمن هوالمنفذ طوال سنين عمرنا...رغم اننا سننتهي معه الى نفس النهاية))))عمي عبد الرحمن هو الوجه الآخر لعملة أبي...هذا يقطع وهذا يناقش ثم يقطع ايضا...يناقشان مهعا كل الامور، يتفقان معا على كل ما يفعلان، يخططان معا ...يرعيانا معا,,يكبران معا......

عمي عبد الرحمن بكابه الابيض في صالون المنزل هو الرجل الذي في قلبي وعقلي طاف كل البحار...خاض المعارك...حارب...احب طنط ميمي وخطفها على السفينةوتوجها الى اليونان معا...وهي ايضا احبته كده...بصمت وحياء...وضحكت وهو يلبس اللباس اليمني ويلف به ارجاء الاسكندرية طوال سنين، ثم وهو لا يرتدي الجاكيت في المناسبات...ثم وهو يبيع سياراته الواحدة بعد الاخري ويشتري غيرها غير عابيء لا بالنوع ولا (بالماركة) هو من احكي لسليم الصغير عنه وانه لا يهمه الناس طالما في الحق...
...هو المغامر الحق...الذي غامر في بحر الحياه مؤمنا بربه متوكلا عليه، محبا من حوله بصدق، مفضلا لهم على نفسه بلا ندم، بلا ندم على من خانوا الثقة احيانا، على من طعنوه احيانا اخري،بلا ندم، لانه فوق العباد هناك رب العباد، كريما كحاتم الطائي، كبيرا فوق كل الصغائر... من تعلمت منه كأبي انه كلما كثر عطاؤك كلما وسع الله في رزقك وانا اراه يعطي سرا وعلانيه ربما وهو ليس معه ما يعطيه...

هو رجل المغامرات...رجل لا كالرجال من هذا الزمان...اتمنى من قلبي ان يضع الله في قلب ولدي بعضا مما في قلب عمي عبد الرحمن الذي فيه من جدي قوته ومن جدتي عطفها وحنانها...فيه من ابي ايمانه وفيه من عمي عبدالله اريحته وقلبه الذي ساعنا جميعا...سر هؤلاء الرجال في حياتنا نحن اولادهم...هذا الحب غير المشروط الذي اعطوه لنا دونما انتظار مقابل منا ...حب وعطاء ورعاية واطمئنان...سرهم هو الاسرة والعائلة التي منحونا اياها....نعمة...ودين نسده ان شاء الله جيل وراء جيل...

ولا يكتمل الحديث عن عمي عبد الرحمن دونما الحديث عن طنط ميمي الحبيبة، وعن عمي عبد الله الضلع الثالث في مثلث اولاد جدي سليم العوا رحمه الله، عمي عبدالله الذي عرفت واكتشفت في سن تلت تلك السن التي عرفت فيها عمي عبد الرحمن...ولهذا الحديث اوان آخر...

حفظهم الله جميعا...وابقاهم لنا ذخرا وسندا

الاصلاح....الشباك المكسور*

سياسة الشباك المكسور شخصت حالة تدهور المدن الصغيرة في الولايات المتحدة والآن كثير من الدول الآسيوية الناهضة تتبع هذه السياسة في التشخيص والنهوض...

؟؟ما هي؟؟ إنها علامة!!

اذا ما ترك شباكا واحدا مكسورا ..إذا لا أحد حقيقي يهتم وتزيد الشبابيك المكسورة وتتدهور حالة المبني...المدينة...المجتمع ...والأهم الإنسان...لأنه يدرك أن لا أحد من صناع السياسة يهتم....

إضافة إلى أن منظر الشبابيك المكسورة في المباني في الأحياء المختلفة يبعث على الإكتئاب...ويكسر الروح تماما كما الشباك المكسور...

في مصر علينا ان نبدأ بإصلاح الشباك...لتنهض مصر

اقرأ وانشرها...
http://en.wikipedia.org/wiki/Broken_windows_theory*

أمي...


زرتني اليوم لأول مرة غير لائمة سعيدة ومبتسمة، في ثوبك الأخضر ذي الوردات السوداء الصغيرة وقلت لي انك دفعت كثيرا لارتداء هذا الثوب وكنت سعيدة.

 أنها عشية العيد، وترهبني دوما زيارتك لأنك دوما تعاتبين ولا أعرف لهذا العتاب صرفا، لأول مرة تحبيني في زيارتك هذا الحب الذي عشت تواقة له، وسعدت بنضارة وجهك والحمرة التي أحبها التي كسته، أدركت من هذه الزيارة انك وحشتيني جدا وان هذا شوق لا حل له، سوف يصاحبني ويسكنني ما حييت.

 ردت  إلي زيارتك شوقي لكثيرين ننا وفرة جدو سليم عمتو زيزي.... عساكم يا أمي معا عساك مع امك وأبيك تروين بعض شوقك الذي طال لهم خاصة لأمك التي غادرتك وأنت في السادسة.

ردت إلي زيارتك ذكري أنانيتي وأخوتي عندما قررت ان تكملي ما بدأت من مشوار علمي توقفت عنه مرارا لظروف حل وترحال أبي السياسية ومع هذا لم تجدي منا ما كان يجب من مثلنا بل تذمرنا لعدم وجود طعامنا الساخن يوميا عساك سامحتني يإ ست الكل عساك غفرت لنا حماقتنا التي أكيد سندفع أثمانها مع أولادنا اليوم، أمي يا معلمتي الأولي يا من ولدت لأب معلم وأم معلمة، ليت لي ما كان لديك من صبر المعلم ويقينه في من يعلم...ليت لأولادي أما مثل ما كان لدي....

 إتعلمين أن أبي مازال يدعوا. لك في كل صلاة كما يدعو لوالديه وانه عندما يلفظ اسمك لا يلفظ اسم من غادر وإنما اسم من هو باق لم يغادره يوما. كنت أودك معي في محني قبل فرحي، كل مالم اتعلمه منك يا ليتني تعلمته....

 أمي يأمن أورثت بناتك قبل صبيانك القوة العارمة، اطمئني ما زالت بذرة اليقين التي زرعت تنموا وتقوى ولغير وجه الحق تبارك وتعالي لن تنحني جباه أي منا سواء القريب. أم البعيد...

أمي إن أنسي فلا أنسي جلدك في مرضك وجلدك في مرض أخي ولا أنسي ما حييت ضربك للص وللمتحرش وصراخك في الكاذب بلا خوف ولا هوادة، لا انسي  رسوماتك وحمامك في بلكون المنزل وطيورك علي سطحه، والقطط التي رمحت كما شاءت في منزلك...إن أنسي فلا أنسي منزلك حتي وان لم يعد قائما علي عمدانه....نحن نحمل هذا في داخلنا نرحل ونقيم بالذكري...كل منا هو جزء منك يسبر علي قدمين...

أمي يا امرأة ليست كالنساء... يا زوجة لا كالزوجات...يا أما لا كالامهات....شكرا علي زيارتك شكرا شكرا....

Fatimah M S EL-Awa
From BlackBerry

شعب عاش آلاف السنين...

قال الإيراني الذي التقيته في المؤتمر وهو يصافحني مودعا:"افكر في شعبينا دوما...لقد عمرا واستمرا لآلاف آلاف آلاف السنين...لابد ان هناك ما يميزهما دون غيرهما...سيظهر هذا سيظهر...رغم كل شيء...أنا على يقين..".

إلى عايدة وسليم،

صدمني السؤال الذي سألتموه لي اليوم على الأفطار:"إنت ليه بتبقي لطيفة معانا الصبح وانت بتصحينا؟؟؟"

ده معناه إن أنا مش لطيفة معاكم دايما؟؟؟صح ما امبارح جاتلي حالة هيجان بعد هيجانكم ولعبكم وضربكم فيه ونزلت تلطيش فيكم وانتم تجروا وانا اجري وراكم(مش بجد بس التلطيش ده) طيب ما إنتم لطشتم وأنا اقولكم كفاية بس وما فيش فايدة...، معلش...هحاول أرد عليكم واوضح لكم بعض الأشياء في هذه المدونة، مش عارفة هتقروها إمتى بس أتمنى انكم لما تقروها تفهموها.

وأنا أكبر كانت لي ملاحظات كثيرة على تربية أبي وأمي لي ولإخوتي، وكنت أناقش أبي، فلم تكن أمي تتناقش، رحمها الله كانت تعمل فقط تعمل طوال الوقت بلا دقيقة لتتناقش،وكان رده الدائم (ده منهجنا في التربية) (اصلنا غيرنا منهجنا في التربية) (اصل حصل تغيير في منهجنا وخطتنا في التربية) (اصل لكم دور معانا في تطبيق منهج لتربية إخوتكم الصغيرين)....فكبرت وأنا اتمنى أن أطبق منهجا خاصا بي في تربية أولادي، ولكن صدقوا أم لا ...لم أجد هذا المنهج الذي كنت تواقة لتطبيقه، واليوم لا أعتقد أن أبي كان يطبق منهجا، ولكن أظنه اتبع عدة مباديء أساسية وحرص على دعم مجموعة كبيرة من السلوكيات سأحدثكم عن كل منها في حينها.

اليوم عندما أصبحت أما، عرفت أن أصعب وظائفي ستكون الأمومة، لقد عملت من السنة الثالثة في الجامعة، ومنذ ذلك وأنا أعمل، هذا أحد المباديء التي حرص جدكم وجدتكم على زرعه فينا، العمل، الاستيقاظ مبكرا، دور على حاجة تعملها، ما تعدش كد، التلفزيون ممنوع طوال الأسبوع ولا يفتح إلا في نهاية الأسبوع، بل وقد أمضينا فترات كثيرة من عمرنا وبيتنا ليس فيه تلفزيون بينما فيه الموسوعة البريطانية وموسوعة المعرفة، وهكذا ، وأجدني عندما اتخذ الأمومة عملا اتعب وأتعبكم معي، وعندما آخذها كما أخذتها جدتي لأبي "حب وعطف وحنان" أبدع وتسعدان أنتما جدا بهذا، ولكن يا أولادي لا استطيع التخلص من فكرة أن كل شيء عمل وله جدول وله أهداف وله خطة...حتى الأمومة....

الأم في دوامة دائمة ولا تملك رفاهية أمومة جدتي طوال الوقت، هي في صراع مستمر بين واجبات العمل والمنزل وواجباتها الإجتماعية واهتماماتها العامة ...إلخ إلخ، وإن كانت هناك أم وجدت السلام النفسي بين كل هذا فأنا أغبطها، عندما عرفت أني مسافرة يا سليم قلت لي "عندما أكبر سوف أوفق جميع سفرياتي مع إجازة أولادي كي آخذهم معي" ليت دنيتي كانت بهذه البساطة يا ولدي. هذه الدوامة التي تقع فيها الأم العاملة/أو دعني أقول الأم العصرية، تجعل لديها جدول أعمال فيما يتعلق بالأمومة، ترتيب المنزل، الطعام، الملابس، الكل يدخل فيما يشبه المعسكر لينجز....لينهي ما علينا، أما تلك اللحظات التي أنا أكيدة أن أبي كان يجدها مع جدتي ووجدتها أنا كحفيدة معها من هدووء وتدليع ووووفهي قليلة عند الأم العاملة، هي لحظات الإستيقاظ الصباحي وحدوتة قبل النوم التي نحرص عليها يوميا والإجازات التي نقضيها معا، وغير ذلك القليل، أما السياق الأساسي للحياة فهو عند أمكم خلية نعمل فيها جميعا، هل تعلم أنكم بعد نومكم البارحة، قمت بتجليد الدفعة الثانية من كتب المدرسة، وخياطة بعض ملابس المدرسة لكما، ثم تحضير مستلزمات الإفطار وأكل المدرسة، عندما آويت لفراشي كان منتصف الليل قد حل، وها هي أمك في السادسة توقظكم لتذهب للمدرسة وبعد هذا بقليل ستتوجه هي لعملها...وهكذا كل يوم يا ولدي ويا ابنتي، هذا يجعلني "مش لطيفة دايما" يجعلني أغلب الوقت "متوترة" "أحسن حاجة تقع مني".

بس أنا نفسي اقدر ابقى لطيفة معاكم دايما، عشان الكلمة اللي أبويا قالها عن جدتي"لم تعاقبنا أمي قط" حفرت في وجداني وتمنيت أكثر من أي شيء أن أكون أما كجدتي، ومع هذا لم يمككني ذلك، على الأقل الآن وأنا عرف أن هذا إحتياج لكما، سأحاول، سأحاول أن أزيد حضور جدتي في حياتكم قدر استطاعتي، ويسعدني انكم مهما حدث تعبرون عن رأيكم وعن ما تظنونة عنا وعن"منهجنا" وحياتنا ونمطنا في التربية. وفي كل الأحوال يا سليم وعايدة أنا أكيدة أنه رغم كل شي تعلمون جوة قلوبكم كم أحبكم وكم اريدكم مؤمنين، آمنين، ناجحين، سعداء بما يعطيكم الله، وكما تعلمتم في ورشة عدلي رزق الله "المهم اللي قلبك بيقوله...ده هو الحقيقي...لو قلبك قال لك الأسد صوته حلو يبقى صوته حلو" طالما قلبك بيقولك أمك حتى لو بتزعق بتحبك يبقى ديه الحقيقة...الحقيقة التي سنتركها لكما دائما...حبنا لكم.

ما سمعناه جميعا

كانت مهمة فيها أربعة، اثنين من مكتبي، اثنين من المكتب المركزي باوروبا، احدهم كنا نعرفه وعملنا معه عن قرب سابقا والاخر اتلقى لم اتلق نكن قد رأيناه سابقا، اسمه" لي جورج" لفت انتباهنا الاسم الأول من الشرق الاقصى والثاني الأوروبي.

خلال الرحلة التي امتدت لعدة دول اكتشفنا طبعه الهاديء جدا وقبوله لأي شيء وابتسامته الهادئة وعندما نتحدث عن أسرنا يتحدث بتدفق عن أسرته ولا يتبرم من عبئ الأولاد مثلما نفعل، حكي كم من المرات يوقظه ولده الصغير صباحا ولا يتبرم وأحيانا يذهب لينام بجواره على الأرض ليطمئنه، أو يجعله يدخل في الفراش معه ومع أمه، أو يشهر بجواره رابتا على كتفه ليهدا الصغير دي الست سنوات، بينما كنت وزميلتي نتبرم من هذا ونسخر منه بلطف باعتباره الأب الضعيف، و هو لا يكلف نفسه عناء التفسير أو التبرير بل يكتفي بهذه الابتسامة الهادئة.

ومع لطف طبعه، فقد وجدناه مقدسا لخصوصيته، فلا يأكل معنا أبدا، ولا يشاركنا الرحلات المسائية، ولا يذهب للتسوق معنا، وقدرنا حبه للخصوصية ولم نثقل عليه في هذا.

مع انتهاء المهمة ونحن في طريقنا للمطار إذا بزميلنا الثاني يسأل، "اسمك الأول( لي) وأنت قلت انك كوري فمن أين جاء اسم (جورج)؟؟" أخذ زميلنا نفسا عميقا وبصوت هاديء قال " نعم أنا من كوريا لكني لم ار أهلي الطبيعيين أبدا، ولا أعرف هل هم احياء أم ماذا؟ أود لو اكتشفت هذا في يوم ما، لقد أخذت طفلا رضيعا ابان الحرب الكورية وتبنتني أسرة أمريكية، وأخذت اسم الرجل جورج" الجمتنا المفاجأة وبساطة الرد ولفنا الصمت، أظن اننا جميعا كنا نفكر في أطفالنا والنعمة التي يرفلون فيها. كانت هذه هي أول قصة قبل النوم احكيها لأولادي بعد عودتي.

Fatimah from BlackBerry

ما رأيته وحدي...

بدأت الورشة الساعة ٨ صباحا، دخلنا وجدنا المدرب واقفا خلف المنصة.

 كنا قد قسمنا الأدوار عبر البريد الالكتروني وكان هو سيحاضر وأنا وزميلتي علينا الشق العملي، اتلقى لم اتلق أكن قد التقيته قبلا، ولكن واضح من اسمه ولكنته انه من الشرق الأقصي، استمرينا في العمل وهو ما زال واقفا خلف المنصة، فوجئنا انه احضر معه هدايا صغيرة للمشاركين المتميزين يناولها لنا لتسليمهم اياها، هل هو مغرور، لماذا لا يتحرك من خلف المنصة و"بيشعلنا" كلنا حواليه، ورغم تصاعد الضيق من هذا إلا ان بسمته الكبيرة جعلتنا نتجاهل هذا الأمر، أتت استراحة القهوة ثم الغذاء فيختفي في غفلة من الجميع ويظهر بعد ذلك واقفا أيضا خلف المنصة.

انتهي اليوم الأول وغادر الجميع بينما هو يودعهم من خلف المنصة، أخذت أغراضي وخرجت، تذكرت اني نسيت محمولي علي الطاولة، عدت سريعا لغرفة الاجتماعات، كان واقفا أمامي بقدم واحدة وعكاز خشبي انيق طويل يستخدمه عوضا عن القدم المفقودة، ابتسم ابتسامة عريضة متجاهلا ارتباكي وهو يناولني المحمول قائلا "رجعت من أجل هذا؟؟".
Fatimah from BlackBerry

ما لن يعرفه عنها أحد...


تبتسم في أناقة، تنعكس لمعة العقد اللؤلؤي الذي تلبسه على وجهها الاسمر، سمرة أهل المغرب العربي فيزيدها بهاء، تلتقي الحضور في ثقة محفوفة بلمسة كبرياء، بينما تتمتم بالفرنسية في الأغلب، تنظر نظرة قوية آسرة، جفونها منتفخة قليل وتحيط ببؤبؤ عين كبير جدا دائما، عرفت بجمالهما واعتبر انتفاخ جفونها الدائم جزء من هذا الجمال الشرقي الأخاذ. عندما استوى عقد الحضور، ألقت كلمتها الإفتتاحية بقوة آسرة، كان التصفيق في نهاية الكلمة ليس فقط للمضمون الذي تضمنته الكلمة وإنما أيضا للإنطباع الذي خلفه حضورها في المؤتمر.

عندما دخلت مساء إلى غرفتها في الفندق سحبت تلك العصاة الصينية الطويلة التي تضم بها شعرها على شكل كحكة، ألقت بعقدها على رخامة الحمام مع خواتمها وساعتها الثمينة، إرتدت قميص نوم بسيط ولكن أنيق، توجهت لحقيبة الكمبيوتر فتحتة بينما تمسك بريموت التلفاز وتضبطه على الجزيرة لتسمع الأنباء، عندما أضائت شاشة الكمبيوتر ظهرت صورة طفلين جميلين، أخذت تعمل وتعمل، قامت أعدت كوب ينسون شربته وهي تعمل، انتهت، لم تغلق الكمبيوتر، ظلت الشاشة مضاءة، تعكس صورة الطفلين، قامت لفراشها وأغلقت التلفاز، وضعت رأسها على الوسادة، وانطلقت في بكاء عميق وهي تختلس النظرات لصورة الطفلين بين الحين والآخر، ومع البكاء تزداد عينيها إنتفاخا.

ما لن يعرفه أحد انها تزوجت من ولد عمها المهندس النابه جدا من عمل في الجامعة وحصل على الدكتوراه من كندا، ربيا معا بعد وفاة والدته وتفرغ أبوه له، وكانا معا زهرة العائلة، حتى مات عمها وانقلب حال ولد عمها، يريد الهجرة ولا يطيق عملها ولا سفرياتها المتعددة، بعد كل سفرة يختلف معها ويقلب حياتها نكدا وألما وينهال عليها بالإتهامات، ولا تستطيع فكاكا من هذا السفر ولا تستطيع ترك عملها، بل وإذا ما عرضت عليه ذلك يتهمها بالجنون لتركها عمل مثل هذا، مضت حياتهما هكذا لا يعرف أحد ما فيها من خلافات عديدة حتى عادت مرة من إحدى السفريات فلم تجده ولا ولديها في المنزل ، وصلتها ورقة الطلاق بعد ذلك بأسبوع، علمت فيما بعد أنه هاجر لكندا آخذا معه الولدين. لم تسمع عنه ولا عنهما أبدا بعدها حتى أقاربهما لا صله له بأي منهم، لم تر أولادها منذ ذلك الوقت حتى اليوم، رغم محاولاتها العديدة ومحاولات والديها الوصول إليهم، اليوم عيد ميلادهما العشرين، هما توأم ولدا في إحدى ليالي الشتاء الباردة، تركاها ولهما من العمر عشر سنوات، ما لا يعلمه أحد أنها تبكي كل ليلة حتى تنام، وأن انتفاخ عينيها الآسر سببه هذا البكاء. بعد هذا قبلت وظيفة في مكتب منظمتها بالشرق الأقصى، ولم تعد لموطنها أبدا.

ما سمعناه جميعا....

كانت مهمة فيها أربعة، اثنين من مكتبي، اثنين من المكتب المركزي بأوروبا، احدهم كنا نعرفه وعملنا معه عن قرب سابقا والاخر لم نكن قد رأيناه سابقا، اسمه" لي جورج" لفت انتباهنا الاسم الأول من الشرق الاقصى والثاني الأوروبي ولكن لم يعلق أحد.

خلال الرحلة التي امتدت لعدة دول اكتشفنا طبعه الهاديء جدا وقبوله لأي شيء وابتسامته المطمئنة، عندما نتحدث عن أسرنا يتحدث بتدفق عن أسرته ولا يتبرم من عبئ الأولاد مثلما نفعل، حكي كم من المرات يوقظه ولده الصغير صباحا ولا يتبرم وأحيانا يذهب لينام بجواره على الأرض ليطمئنه، أو يجعله يدخل في الفراش معه ومع أمه، أو يسهر بجواره رابتا على كتفه ليهدأ الصغير ذي الست سنوات، بينما كنت وزميلتي نتبرم من هذا ونسخر منه بلطف باعتباره الأب الضعيف، و هو لا يكلف نفسه عناء التفسير أو التبرير بل يكتفي بهذه الابتسامة الهادئة.

ومع لطف طبعه، فقد وجدناه مقدسا لخصوصيته، فلا يأكل معنا أبدا، ولا يشاركنا الرحلات المسائية، ولا يذهب للتسوق معنا، وقدرنا حبه للخصوصية ولم نثقل عليه في هذا.

مع انتهاء المهمة ونحن في طريقنا للمطار إذا بزميلنا الثاني يسأل"اسمك الأول( لي) وأنت قلت انك كوري فمن أين جاء اسم (جورج)؟؟" أخذ زميلنا نفسا عميقا وبصوت هاديء قال " نعم أنا من كوريا لكني لم أر أهلي الطبيعيين أبدا، ولا أعرف هل هم أحياء أم ماذا؟ أود لو اكتشفت هذا في يوم ما، لقد أخذت طفلا رضيعا إبان الحرب الكورية وتبنتني أسرة أمريكية، وأخذت اسم الرجل جورج" ألجمتنا المفاجأة وبساطة الرد ولفنا الصمت.


Fatimah from BlackBerry

ما لن يعرفه عنه أحد...

القاعة مكتظة، الحوار والنقاش على أشده، يقود النقاش رجل أربعيني، يبدوا أصغر بكثير، مفتول العضلات، يرتدي سترة تجعله اقرب ما يكون لبيكم لاعب الكرة المشهور، لطيف جدا يبتسم ويضحك مع الجميع ويعرف كيف يدير دفة الحوار لتتحول من الحدة إلى اللين إلى نتيجة ملموسة، الجميع يحبه في مكان العمل، يكاد يكون أكثر الرجال شهرة وجماهيرية بين الرجال والنساء على حد سواء، دائما يبدوا انيقا لطيفا، سواء في شراؤه لقهوة الصباح من الكافيتريا أو بينما يجلس في مكتبه مفتوح الباب مشيرا بيده في تحية بسيطة وبسمة آسرة لمن مرون بمكتبه في عجالة ملقين التحية على هذا الزميل اللطيف.


له ولدين صغيرين أقرب شبها بأبيهم، وزوجة جميلة ساحرة كما نجمات السينما، كل من يراهما يجدهما كما يقول المثل الإنجليزي match made in heaven ، أو كما نقول نحن معشر العرب "وافق شن طبقه"، فجأة وبدون مقدمات، أخذ أسرته ورحل، قال لزملائه الذين ودعوه بحزن أن والديه كبرا في السن ويجب أن يذهب ليرعاهما، لانه لا يحتمل فكرة وضعهما في دار عجزة كما يفعل كثير من الناس في بلده، الجميع تعاطفوا معه وزادهم هذا إعجابا فوق إعجابهم به أصلا.


الذي لن يعرفه أحد أن مديرته كانت معه في إجتماع والتقت عند خروجهما من أحد المصاعد معا زميلة من منظمة أخري تحضر ذات الفاعلية، كانت لها صلة خاصة بمديرته، فإذا بالزميلة تصفعه على وجهه بقوة وتقول له "أدين لنفسي بهذا منذ عام" إندهشت المديرة وهو لم ينبس ببنت شفه، وبعد إلحاح، عرفت المديرة الحقيقة من الزميلة، الرجل يتصيد المحافظات من زميلاته من لا يثرن المشاكل، ويمارس معهن أرذل عادته وأكثرها وضاعة، يقرصهن، يقرص من الخلف ما يستطيع أن تناله يده من أجسادهن في إجتماع أو مصعد أو أو...وعندما تلتفت المرأة له في استنكار وعدم تصديق وغضب يبتسم إبتسامة بريئة تشككها حتى فيما حدث، ومع الزحام ووجود كثيرين حولهما تحجم ضحاياه عن رد فعل قوي يكشفه، لكن المثير أن تلك المرأة لم تسكت، أضمرت الأمر في نفسها حتى كان هذا الموقف وثأرت منه أمام مديرته، وأعطت للمديرة المعروفة بنصرتها لقضايا المرأة قائمة من الزميلات ممن تعرضن لهذا ولم يرغبن في "الشوشرة".


ما لن يعرفه أحد أنه عند مواجهته إعترف، وقال أنه يخضع للعلاج، وآثر السلامة وترك العمل بعد صفقة مع الإدارة، لقد كان سجله حافلا ولكن الذكاء في إختيار ضحاياه كفل له الستر، ما لا يعرفه أحد ان خوفه من افتضاح أمره لم يكن إلا خوفا من زوجته، لقد كانت كل ما تبقى له، خاصة والزوجة قد ظلت معه بعد فضيحة أسرية مماثلة على شرط خضوعه للعلاج، فلم يكن ليغامر بأن تعرف السبب الحقيقي لمغادرته العمل. كل هذا لن يعرفه أحد لأن أحد شروط صفقة المغادرة كان السرية التامة، ولكن ما نعرفه جميعا أنه لا يسرب من الأنباء إلا السري جدا منها.

من رحلة عمل ...عمان...



















هذا العجوز الذي سيصبحه...

يدربنا بالانجليزية مع لكنة فرنسية، بنيته تغيرت عن تلك التي عرفته عليها منذ سنوات.

يتحرك بثقة ويتحدث بسهولة لمعرفته الموضوع، لقد انحنى كتفيه للامام في ثقل واضح، برزا للأمام فيما يبدو حماية لبقية الجسد، ازدادت سماكة نظارته، زحف الشيب على رأسه في تثاقل ظاهر، بينما سارع في زحفه على شاربه، يرتدي حلة كحلية وقميص لبني، حذاء أسود لامع وحقيبة مثقلة بالأوراق، يعلق على ما يقول الناس بخفة ظاهرة بكلمات من لغات عدة، العربية الفرنسية والإنجليزية، موظف دولي بمعنى الكلمة.

ولكن هل هو في الحقيقة هذا الموظف الدولي؟؟ ألا يحمل قلبه ثقل التهجير والهروب، الا تأرقه ذكري المنزل الضائع والجد والأب والأم الشهداء؟ الا تعكس شدته علي أولاده ذكري الطفولة الصعبة التي عاشها والخيارات المستحيلة التي اضطر الى اتخاذها؟؟ ألم تطبع علي جمود عينيه تلك التضحيات التي قام بها، أحيانا بالأهل والاحباب، أحيانا بالاصدقاء؟؟ نعم أكيد هو كل ذلك وزيادة ولكن لا يبدوا لأحد هذا لن يظهر هذا أبدا، ستظل هذه الأمور خفية، لا يظهر منه سوي الموظف الدولي صعب المراس، وأنا لن أناقش الأمر معه مطلقا، سيظل الزميل، الموظف الدولي الذي يدربنا بين الحين والاخر.

أما هذا العجوز الذي سيصبحه مراقبا بين الابتسامة والدموع بعينيه الحزينة أحفاده يلعبون أمامه في حديقة منزله بلبنان ويختلط عليه الأمر بينهم وبين ذكري صبية يلعبون في معسكر صبرا وشاتيلا ويختبؤن طاعة لأهلهم ليراقبوهم والخوف و الرعب يكبل أصواتهم يذبحون من قبل قوات صهيون بينما الكبير يضع كفه الصغيرة على عين أخاه الأصغر كي لا يري والدموع والصراخ تحجرا في عينيه وحنجرته.

هذا العجوز الذي تدمع عيناه لمجرد رؤية أحفاده وتقبض الذكري بيدها الثقيله على قلبه ولا يفارق المشهد عيناه المتعبتان ويهمس بلوعة "واه أماه" لن يعرفه أبدا أي من الجلوس اليوم في قاعة التدريب.

Fatimah from BlackBerry

1/4 جرام....مش لازم تكون حياة ناس تانيين...

صلاح، صاصو، ملك النص، كركس، كلها أسماء لبطل القصة، فتى في قمة الذكاء، والانطلاق، خفة الدم، مبعث على الثقة، القصة التي نعرض لها قصة مختلفة من حيث صياغتها الأدبية هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا ما نظرنا لهذا العمل في ضوء أشهر ما نشرته المكتبة المصرية حول الإدمان "في بيتنا مدمن" "وجيه أبو ذكري" "رحلتي مع الإدمان" نجد أنفسنا بصدد عمل أدبي فريد. لأول مرة تأخذنا الرحلة بهذه الدقة في عقل المدمن نفسه، كيفية تفكيره، كل حيله، عالمه الذي يعيش فيه، محيط أصدقائه، كيف يجد بضاعته، كيف يهرب من الأهل من الاستقامة، وكيف تجره الخطوة لغيرها، ولغيرها حتى يدركه الغرق الكامل. تعيش مع القصة لحظات قلق، خوف، رعب، حزن شديد، فرح، يأس، ثم ترفعك مجددا إلى أعلى قمة الأمل وتلقي بك أنت القارئ إلى أسفل مدارك اليأس.

تقع القصة في 635 صفحة، قصة كبيرة، طويلة، ولكن عندما تقطع أول صفحات الرحلة لن تتركها على وقد أكملتها، الكاتب هو عصام يوسف، ابن الكاتب الكبير عبد التواب يوسف، كل جيلي ممن قرأ لهم آباؤهم وممن عرفوا طريقهم للقراءة يعرفونه جيدا من الكتب الكثيرةالتي ألفها للأطفال معرفتي بكثير من شخصيات الفراعنة بدأت من سلسلة كان يكتبها هو)، ووالدة المؤلف هي ماما لبني المسؤولة عن مجلة سمير لأعوام كثيرة، مجلة من سن "تسعة إلى سن تسعة وتسعين". هذا هو عمله الأدبي الأول المنشور، ويبدو من القصة أنها رواية لحياة أحد أصدقاء الكاتب، أو هكذا صورها، وقعت في يدي طبعتها السادسة، وقد قرأت عنها قبل شرائها ورأيت على شاشة التلفاز من البرامج ما أشاد بها، وهي على حد تعبير إحدى الجرائد "الأكثر مبيعا هذا الصيف بين المارينز(اسم يطلق على سكان مارينا) ".

تنقسم القصة لعدة مراحل، مرحلة الطفولة التي تختلط على حد ما بمرحلة الشباب، ثم تنتهي عند مرحلة ثانوية عامة لتبدأ بعد ذلك مرحلة الإدمان الحقيقي التي نتوقف فيها على عدد لا حصر له من المحطات، ثم ننتقل إلى المرحلة الأخيرة من القصة وهي كما أود أن أسميها كسر الدائرة أو الخروج من الدوامة.

ومرحلة الطفولة مرحلة غنية بالأحداث التي تدعوا للتأمل، قبل سن السنوات الثمانية كان بطل القصة محترف تزويغ من المدرسة، تمرس على شرب السجائر، زار البار الصغير الواقع في المنزل أكثر من مرة، وكان ملكا في الزن كما يصف نفسه، في سن العاشرة لم يتوقف عن الزن حتى تم شراء موتسيكل له، وتزامن هذا مع بيعه للسجائر بالفرط في المدرسة، وعرف طريقه في ذات الوقت إلى ممتلكات الآخرين لبيعها وشراء أي شيء بثمنها، ثم عرف طريقه لقيادة السيارات عن طريق صديق يملك والده معرضا لبيع السيارات. ثم يبدأ الزن مرة أخرى عند سن 12 عاما لشراء موتسيكل أكبر، ويحصل عليه.

شََكل مظهر بطل القصة عنصر جذب أكثر من قوي لمرتادي النادي، ولد صغير 12 عاما يملك موتسيكل آخر موضة، يتوفر في يده المال ( الناجم عن بيع أي شيء يقع تحت يده)، يفعل ما يشاء، ذكي خفيف الظل، ومن هنا ظهرت الشلة، الشلة في بداية تعارفنا على أفرادها نجدهم شديدي التباين الاجتماعي، فقط صاصو وصديق آخر ينتمون للطبقة المتوسطة المتعلمة، أب دكتور مهندس، والأب الآخر لواء بالجيش، وتنطلق الشلة معا على آفاق أقل ما يقال عنها أنها غير معقولة.

عبر بطل القصة البوابة الأولى لطريق المخدرات عندما امتدت يده على سجائر والده ليأتي عبور البوابة الثانية على يد شلة الأصدقاء عندما تناول أول سيجارة حشيش وهو في الثانية عشر...رحلة بدأت في هذا العمر المبكر لتنتهي عند حدود الثلاثين.

فلترت الاختيارات الشخصية لأفراد الشلة لبعضهم البعض لننتهي بستة أصدقاء، يجمعهم النادي ويجمع بعضهم المدرسة. خوت البيوت على الشلة، فهذا أب مسافر وهذه أم أرملة ومتزوجة من آخر والأولاد يرتعون في البيوت بلا رقيب ولا حسيب، حالة من اليتم غير العادي الذي ساهم فيها كونهم جميعا ذكورا فترك الحبل على الغارب لهم، وإما أصغر الأبناء في الأسرة أو ابن وحيد، انطلق الأصدقاء مجربين لكل شيء الخمر والحشيش على اختلاف ألوانه بل وعرفوا في هذه السن اليافعة أماكن البيع والتداول وصاروا من الزبائن الدائمين لهذه الأماكن.

والعجيب في الأمر أنه طوال هذه المرحلة يكون رد فعل الأهل تجاه أي من المصائب التي يكتشفونها، هستيري لحظي، ينتهي عند انتهاء حدود العقاب، لا ينظر أحد الآباء تجاه محيط الصداقات التي هي السبب الرئيسي فيما يكتشف من انحرافات يعتبرها الآباء من قبيل "الغلطة" "النزوة" التي يمكن معالجتها بعلقة محترمة.

تنموا شخصيات أفراد هذه "العصابة" في هذه الأجواء المشحونة بالأحداث، البعيدة كل البعد عن توجيه الكبار، والمليئة بحماقات الصغار، واعتبارهم أن الأرض أرضهم يرتعون فيها كيف يشاؤون، فتنضج، وتقوى، وتستمرئ الخطر والمغامرات، ويهيئها هذا التطور لمرحلة جديدة تماما في حياتها عندما يدخل أحد الأصدقاء بنوع مخدر جديد عليهم وهم في مرحلة الثانوية ويتعرف الجميع عليه ماعدا فردا واحدا، وتعتبر هذه هي اللحظة الفاصلة في حياة هذه الشخصيات جميعا، يسوقها هذا المخدر الجديد لكل ما تفعل وكل ما تقول وكل ما تشعر به وكل ما تخطط له، "البودرة" هكذا عرفوها ولا يذكر اسمها قرينا بالهيروين إلا فيما ندر خلال صفحات القصة العديدة.

نأتي للمرحلة الثانية من القصة، والتي تبدأ واقعيا مع تعرف الأصدقاء على "البودرة" وهي مرحلة مليئة بالأحداث يتصاعد خطها الدرامي بلا توقف ولممد طويلة، فعندما تقترب من المنحنى النازل تجد نفسك مرتفعا مرة أخرى بتطور لا تتوقعه لتظل كقارئ عاطفيا في حالة صعود مستمر مع الأحداث.

ومع حالة النكران التي يصدقها بالفعل بطل القصة من كونه ليس بمدمن تصدق أنت أيضا ذلك ويصبح لديك فصاما عقليا، فأنت بما تعرف متيقن من كون هذه الحالة وهذه القصة قصة مدمن، ولكن كيف لهذا المدمن أن يكون مقنعا بهذه الصورة للآخرين، بل ومحترما بينهم، خاصة لأهل أصدقائه المدمنين، الذين يرونه ملجئا أخيرا لهم لإنقاذ أولادهم بينما هو في الواقع من يمدهم بالمخدر ويساعدهم على الوصول إليه، كيف يقنعك أنه يستطيع في أية لحظة التوقف عن تناول البودرة رغم أنه لا يتوقف أبدا، الساحر في القصة أنها تجعلك والبطل شخصيتان قريبتان جدا من بعضهما ولا ينفرك منه فعل أو قول، على هولهما في كثير من الأحيان، وإنما علامات الاستعجاب والاستفهام لا تتوقف ولا تفارقك ابدا، كيف لا يشعر من حوله؟؟ كيف لا تشعر صديقته؟؟ كيف لا يشعر أهله؟؟ كيف لا يشعر أصدقاء الأسرة أن الفتى مختلف؟؟ كيف يصدق هو نفسه ويراها على صواب مطلق، بل ولا يتوقف مطلقا لرؤية ما يعتقده الآخرون ولا كيف يتصرف الآخرون؟؟ أسئلة لا تجد لها إجابات إلا مع اكتشاف الجميع كون هذا الشخص يتعاط "البودرة" وبجنون.

محطة مهمة في هذه المرحلة عندما تراه أمه في غرفته والحقنة على جواره، وتكاد هذه تكون أولى محاولاته للإقلاع عن طريق الحصار العائلي، ولكن خطته محكمة "نيمها" كما في لغة الشباب وأقنعها أنه استقام وأنها كانت أول وآخر مرة فتفك عنه الحصار وتعود لحياتها الطبيعية ويعود هو أيضا ممارساته الطبيعية التي اعتادها من سن 12 عاما.

محطة أخرى هامة وكاشفه عن جوانب كثيرة في شخصية البطل، عندما أذن له أهله بالسفر على أمريكا وفي زيارة عمل لأبيه يُحمله دون أن يدري "تربه حشيش" يخاطر بتوريط أباه في مثل هذه الجريمة بوعي كامل وبمساعدة أحد أصدقائه لمجرد الكيف والانبساط مع الأصدقاء في أمريكا بل والاتجار أيضا.

الانتقال من مرحلة الإدمان إلى مرحلة الاتجار سمة لحقت بكل الشخصيات المدمنة في القصة، ففي حالة العجز عن توفير النقود اللازمة للحصول على المواد المخدرة تحول البعض إلى التجارة المؤقتة بينما تحول البعض إلى التجارة الدائمة، وفي السياق نجد تحول الفتيات إلى ممارسة البغاء بستارات شرعية عديدة لتوفير الأموال اللازمة لهذا الداء الوبيل.

من الصدمات التي يتلقاها القارئ، صدمة إلقاء المدمنين لزملائهم ممن يتعرضون لما يسمي "أوفر دوز" جرعة زائدة، مجرد "زقة" صغيرة من السيارة على الطريق للهروب من "السين والجيم"، رفض البطل لهذا السلوك عندما يتعرض لذات الموقف، وإدراكه الأخلاقي "لنذالة" مثل هذا التصرف، يجعله مختلفا عن غيره حتى عن أقرب الأصدقاء، ربما منظومة الأخلاق التي نشأ محاطا بها، ربما اعتززه بالصداقة وبالعلاقة التي تربطه بأصدقائه.

صدمة أخرى هي طبيعة حياة المدمنين وعلاقاتهم معا، ربما يعرف كثير من الشباب تفاصيل هذه الحياة ولكنها تظل منغلقة على الأسر المصرية العادية.

مما يستوقف القاريء ان الدولة لم تظهر إطلاقا إلا من خلال بعض ضباط البوليس واللقاء بين من يروي عنهم البطل وأقسام البوليس، ولم تظهر الدولة حتى في التضييق على التجار إنه لأمر عجيب ان يظل الامر هكذا بين المستخدم والتاجر الا فيما ندر.

قرأت هذه القصة في الصيف قبل الماضي، وظلت في عقلي وقلبي أود ان أكتب عما فيها، وددت ان يقرأها كل أاب وكل أم...هل يا تري بعد ثورة مصر المجيدة تتغير هذه المشاهد وتعالج المشكلة بجدية من قبل الدولة...جدية وجرأة...جدية وحكمة، أم نظل نعالج الأمور من خلال هذا الجزء او ذاك متجنبين العلاج الأشمل للمشكلة جمعاء؟؟؟

في الترانسيت...

رحلة طويلة...


اردت العودة فور الانتهاء من عملي، اقترحت لي شركة الطيران ان اطير إلى الكويت ومنها الى القاهرة هكذا اعود قبل منتصف الليل في نفس اليوم.



لاتاتي الرياح بما تشتهي السفن، تعطلت او تأخرت الطيارة 3 ساعات في مطار دبي ثم تأخير آخر في مطار الكويت...


بينما انتظر قرب البوابة...واقفة استند بجسدي على عربة حمل الحقائب لعدم وجود كراسي...


يمرالنجم المصري المشهور... يتكالب عليه الجلوس من المصريين، ويسمح له الامن على البوابة من الدخول بدون تفتيش...



امامي اسرة مصرية اب وأم وخمسة أطفال من أعمار مختلفة، الجميع يرتدي مكون من مكونات جلد النمر، الطفلة الكبيرة ترتدي طقم كامل من جلد النمر، الاصغر ترتدي بنطال جلد نمر، الاصغر ترتدي تنورة جلد النمر، الولدين قمصان من جلد النمر الرمادي اللون بينما نقشات البنات النمرية برتقالية اللون، الأم ترتدي بلوزة من نقش برتقالي لجلد النمر وتحمل حقيبة جلد نمر، تضعها على الكرسي مكان الأب الذي يقوم بين الحين والآخر لاسباب متباينة، تنظر إلى الام بقلق وتربت على الحقيبة في تأكيد على أن الكرسي مأخوذ، يعود الاب بعد قليل تبتسم بانتصار وهي تنظر إلى وتسحب الحقيبة ليجلس الاب... وتعيد النظر لى وهي تضع الحقيبة على قدميها ولسان حالها يقول "أهه" يقوم الاب مجددا واتحرك انا لافرد ظهري المنحني ، تسارع الام في وضع الحقيبة والنظر لي بغضب، ههه...اتحاولين...لن اسمح لك...البنات الكبار شعورهن مفرودة بالمكواة، يرتدين سورتيت بلاستيكي من نقشات جلد النمر ايضا، والاولاد يحملن مسدسات صغيرة ويلعبن بها في الممر.



اذهب بنظري بعيدا، لأسر أخري واحوال ناس "تانيين" المصريون مكافحون، اسر من كل حدب وصوب، الكل يتكلم في السياسة وفي أحوال مصر، البعض يتحدث بهمس في ترتيبات مالية، فارق كبير في المظهر بين ركاب طائرتنا المتجهة لمصر والطائرة في اليبوابة الأخري المتجهة لاستراليا، المصريون عائدون لاثبات النجاح، لاثبات انهم عملوها، الآخرين ليس لديهم ما يريدون اثباته، المصريون مكافحون، بسطاء، يبتهجون برؤية نجم سينمائي، يقلقون على حقائبهم التي بها شقى العام والعمر، شعب يبدوا انه خلق لهذا... للكفاح، الله عليك يا شعب بلدي، لبست جلد نمر، لبست جلد عفريت، المهم اللي تحت جلد النمر.



انظر مجددا للأم اجدها تختلس النظر إلى في قلق بينما تربت على حقيبة جلد النمر على الكرسي الفارغ وبين النظر لي والربت على الحقيبة تتمم بعيونها على اولادها من يلعب ومن ينهمك في ضبط السلسلة الذهبية على بلوزة من جلد النمر.....


لهم من يريدون ولي أبي...

طالعت في صحيفة هجوما على المفكر الإسلامي الذي قال ...وقال...، ضحكت وضحكت، هل يتكلمون عن ابي؟؟؟ ...يا أبي الحبيب جدا...عاد بي الزمن سنوات وسنوات، أهذا الرجل الذي قال وفعل هو ذلك الأب الذي كنت وما زلت أراه خير الرجال وأوفرهم حظا من البهاء والهيبة والاحترام، أهو ذلك الأب الذي وقف عمره عندي عند سنته الثانية والأربعون عندما سألتني أم صديقة لي كم عمر أباك، فذهبت متسائلة لأمي فقالت لي "اتنين وأربعين".

هذا المفكر الذي يهاجمون عاطلا على باطل ما الذي خلفه لي أنا الإبنة؟؟؟...الكثير الكثير...أما كان هذا المفكر هو الذي راقبني وإخوتي بعين الصديق، الخبير، المراقب، الحاني نكبر، ونخطيء، نسير ونقع، أليس هذا المفكر أول من فرح لفرحي واعتصر قلبه الألم لتعاستي، ليتهم يعلمون عن هذا المفكر ما أعلم، يتسابق في مسابقات أولاده الرياضية، ولا يفوت مجلس آباء لأي من أولاده إلا ويحضره ويساهم فيه علميا وتربويا، وتدرس على يديه بناته وأولاده مناهج اللغة العربية والدين والتاريخ، ويترك المجال لأمهم رحبا لتنمي ما وهبه الله لبعضهم من مواهب علمية فيأتي لها بكل ما تطلبه من مواد مكتبية وعلمية حتى تتحول غرفة صغيرهم إلى معمل صغير ويتحول الحمام الثاني في المنزل إلى مركز لتكاثر العناكب ليراقبهم الصغير عن كثب في دورة الحياة والتوالد، أليس هذا المفكر من أكل كل طعام وضع له دون تذمر حتى المحروق والبارد وهو يقول "ما أطعمه"، ألم يكن يترك له أولاده الأطباق في حوض المطبخ ليلة كل خميس لعلمهم يقينا أنه سيغسلها صباح الجمعة وهو يعد القهوه له ولأمهم...ألم يضحك الخمسة وأمهم تؤنبهم مرارا وتكرارا على هذا وهو ينظر لهم من تحت النظارة ولسان حاله يقول "آه منكم". الم يرافقهم على اختلاف اعمارهم لمعارض الكتاب ولندواته ولحفلاته.

هذا هو المفكر الذي أسعد أمهم بقيامه بكل صغير وكبير معها، ذات الرجل نفسه الذي لم يؤنبها على فعل أو قول إطلاقا أمام صغارهم، الذي كان يسبر معها قبيل الغروب كل يوم في إجازتهما الصيفية على شاطئ البحر والأبناء يسيرون ويركضون حولهم ثم يعرج على مياه الشاطئ فجأة ويرش عليهم وعليها بعضها، الذي أحبها وما زال حتى بعد أن إختارها الله قربه، الذي علمهم كيف يحملون لمن يحبون الورود الحمراء والكعك الملفوف في السولوفان الأحمر. هو من أحضر لابنته الصغرى شرائط مارسيل خليفة كلما زار لبنان، ومن يضع في سيارته شرائط فيروز لتسمعها زوجته في سفرهم معا.


هذا هو المفكر الذي دفع أولاده قدما ومازال، المفكر الذي ترك لهم الطريق واسعا لاختياراتهم وإن خالفت ما أراد لهم، الذي تحمل انتقادات الاقارب والأحباب وهو يترك بناته يسافرن للعمل في معسكر صيفي وهم بعد صغار خارج بلادهم وهو يقول "مش هيقدروا قيمة بلدهم إلا لما يبعدوا عنها شوية". الذي كان يتفق مع أمهم على برامج القراءة الصيفية وتعلم اللغات والدورات المختلفة لأولادهم. الذي لم يستقبلهم سوى بالحب والإبتسام والترحاب حتى وهو مبحر بين الورقة والقلم، الأب الذي كان يقول " التكرار يعلم..." وعندما يردون "الحمار" يضحك و يقول :لأ...الشطار" الأب الذي إحترمهم وعلمهم كيف يحترمون من حولهم.

هذا المفكر هو نفس الأب الذي كان أول من قرأ القرآن مع أولاده، وكانت أول خريطة يرون خريطة أتى لهم بها لمصر، ثم لفلسطين والسودان وهو يقول "ده امتداد مصر القومي، نظروا له في تعجب وهم يقولون "يعني ايه قومي؟؟، هو ذات الرجل الذي حدثهم عن حمزة سيد الشهداء، وجلس معهم كل خميس في "سوق الخميس ملتقي لهم ولاولاد خالتهم" يحكي لهم فيه الحكايات. هذا المفكر الذي يهاجمون هو ذات الرجل والأب الذي حكي لاولاده وحدثهم مرارا وتكرارا عن القسام، وحرب فلسطين، واللد والرملة، عن مصر القومية القائدة، عن ثورة 19، عن سعد زغلول، عن النحاس، عن الشهيد عبدالمنعم رياض، عن نصر اكتوبر، عن سليمان خاطر، عن ثورة مصر، والإمام الشهيد، والرجل الوحيد الذي سار في جنازته المصري المحترم مكرم عبيد.

يسير بقامة مرفوعة، ويكتب بقوة، ويخطب بصوت جهوري يهز الوجدان، ويتكلم عن مصر لا كمجرد بلد وإنماأمة لها شعب عظيم، ويحب الفول والطعمية صباح الجمعة، ولايعلو صوته إلا في الحق....

فاليتقول عليك من يريد...وليقول من يريد ما يريد....فلهم انت لست منهم ...ولي انت ابي...

تحية إلى تيار البناء...أهل مصر مش أهل كايرو...

يستيقظون في الصباح، يصلون، إما صلاة المسلمين، أو بعقد اليدين وتمتمة بعض الصلوات المسيحية، ينشغلون بتجهيز أولادهم للمدارس، ينزل الأولاد ، ثم ينزل بعد قليل الكبار، أو ينزلون معا، يوصلون الأولاد للمدارس و يتوجهون هم إلى العمل، إما في سيارة أو في مكروباص أو في أوتوبيس الرحاب، وهكذا تعصرهم الطرقات الصباحية، مدرسين، محامين، قضاة، موظفين عاديين، موظفيين كبار، يعملون، يتعاملون مع مديرين ومع مرؤوسين، مع أوراق وأقلام مع وارد وصادر، مع مواطنين، سعداء أحيانا وغالبا غاضبين، ينتهي اليوم ويعود الجميع للبيوت هلكانين، مثقلين، منتظرين لحظة الدخول إلى المنزل، يدخلون مع الصغار أو بعد الصغار وتبدأ حملة الكفاح المسائية، غداء فمذاكرة، وأخيرا عشاء فنوم....ويسود السكون...إلا من صوت المروحة التي بجوار فراش الكبار، بينما الصغار غير عابئين بالحر ...وهكذا كل يوم، طوبة على طوبة...ويكتمل البناء...يكبر الصغار..ويرتاح الكبار...وتكبر مصر بهم ومعهم.

تيار البناء هذا غير منشغل بما يغرقنا به الفلاسفة من طلبات تتجاهل ما قال به ووافق عليه تيار البناء، تيار البناء يعمل في صمت، يوم نادته مصر بصوت شبابها النداء التي اهتزت له القلوب "إنزل" نزل غير عابيء بأي شيء لأنه شاهد الهدم لسنوات، وقد خلقه الله للبناء، نزلوا يودعون صغارهم رجال ونساء وهم لا يدرون أيعودون أم لا، نزلوا ينادون بالبناء، نزلوا يحافظون على ما بنوا في لجان شعبية، وعندما تحقق ما يراه تيار البناء نصرا كبيرا عادوا للبناء، مرة اخري توجهوا عن بكرة أبيهم إلي صناديق الإنتخاب لقول كلمتهم، وصوتوا مع البناء...ثم عادوا للبناء مرة أخري...رغم كل المخاطر وأهمها الأمنية لم يعبؤوا ولن يعبؤوا لأن هؤلاء وأجدادهم هم من بنوا مصر... هؤلاء هم من شيدوا حضارة كبري هي الحضارة الفرعونية ثم الاسلامية ثم ...ثم..ثم...غير عابئين بكهنة آمون، غير عابئين بمذهب الفاطميين، غيرعابئين بعجمية الأتراك...طوال تاريخهم في الجذر والجذع يبنون فقط،وعندما ضاقت الدنيا ببعضهم ذهب يبني في بلاد اخري أما من بقى من أولادهم هنا فسيبنون مثلهم...

هناك تيار آخر الا وهو تيار التفلسف، يغار "موت" من تيار البناء، وكلما بنى تيار البناء مبنى قام عليه تيار التفلسف بالمعول يريد هدمه وردمه، فتيار البناء يريد الجيش، درعه وحصنه، تيار الفلسفة يريد مجلس رئاسي، تيار البناء يريد انتخابات ودولة ديمقراطية، وتيار التفلسف يريد تأجيل الإنتخابات ويريد تسمية رئيس المجلس العسكري رئيسا، تيار البناء يريد رئيسا مدنيا وتيار المتلفسفين يريد مجموعة متفلسفة يحكمون مصر، المهم ان تيار المتفلسفين سيطر على الإعلام وسيطر على المنابر المدنية في أغلبها وترك لتيار البناء منابر محدودة، صوته فيها ضعيف هذا إن كان له صوت أصلا لأنه منشغل بالعمل وليس بالهنبكة، منشغل بعياله وأهله وبالتعليم وبالصحة، شغلاه أشياء هامة مش أشياء شكلية، ويبدوا أن تيار البناء لابد أن يضع قدميه على الأرض بقوة حتى تقوم الدولة والبلد الذي يريد وليس البلد الذي يتصوره تيار التفلسف.

هذه دعوة للجميع للانضمام لتيار البناء لتيار المصريين في عامتهم، وليس في صفوتهم، دعوة لتجاهل تيار المتفلسفين الذي يخرج لنا كل يوم بدعوة للهدم، تيار التفلسف الذي يشعر انه افضل، لأنه يرطن بالإنجليزية ولأنه تعلم في الخارج ولأنه ركب الأوتوبيس في اوروبا وأخرج من حقيبته الجلدية أو الرياضية قصة لباولو كويليو قرأ كلماتها ولم يفهمها، فهم اللغة ولم يفهم المغزي، ولأنه خرج مع اصدقائه وأخذ "درينك" في "كافيه" بينما التيار الرئيس تيار البناء ما يعرفش غير نجيب محفوظ ويقرأ إحسان عبد القدوس على استحياء ولما بيشوف بنته بتقرأ روايات عبير بيديها بالقلم على وشها، ولما بيتأخر ابنه بيستناه ورا الباب وببيبهدله، ولما بيخرج يا إما بيروح لأهله، او يزوغ من مراته ويقعد على القهوة مع صحابه يلعب دومنو ويشرب شيشة.

تيار البناء هو تيار مصر يا جماعة، هو تيارنا نحن، تيار عم محمد سواق التاكسي وولده زيزو، والاستاذ محمود موظف الشهر العقاري، والأستاذه نيفين المحامية بالشؤون القانونية لمصر للطيران، وابله هناء مدرسة اللغة العربية التي تقول أن حرف الالف عسكري واقف مضبوط، ومدرسة الحساب مس سلوي التي تقول الواحد واقف مضبوط والاتنين بتبص عليه والثلاثة ثلاث سنات والاربعة سنة وسنة والخمسة كعكة بسكر، والاستاذة منى المذيعة التي تدافع عن قضايا المرأة، تيار الشيخ مصطفى أستاذ القرآن، والقس يعقوب الذي يقول "أحبوا مصر..." هو تيارنا نحن... جميعا....تحية لكم.

فرحة النصر....الله يا مصر....ليلة 11 فبراير في شوارع مصر...












الجمعة المباركة...على هامش ايام التحرير 4...












الجمعة 11-2-2011....على هامش التحرير ...3

في التحرير الجمعة ....مشينا الرابعة والنصف...واليقين يزيد أنه لا رحيل إلا بالرحيل...الرحيل قصاد الرحيل...
كتيت لعمي الذي ناقشني صباحا مخلصا وقلقا على مصر "أن كفي...ويلا نتفاوض" الرسالة الآتية بالبريد الإلكتروني عبر BB وأنا أخرج من الميدان الذي فتحة أمامنا شباب مصر:" الله في سماه... الناس ديه مش خارجة من التحرير إلا لما يتنحى...أنا لسه خارجة من هناك وأقول لكم إن الطاقة جبارة لا خروج من التحرير إلى بالخروج من سدة الحكم...تحيا مصر...حرة...تحيا مصر حرة...مش مهم نموت المهم هي ما تموتش..." كان هذا في تمام 4:24.
الصور أدناه من التحرير في الجمعة المباركة.