العقل المريض هو العقل المريض، الأمر لا علاقة له بشكل المتحرش بها أو بعمرها أو ...أو...
إنه قطعا ليس خطأ المرأة، وهو غير مرتبط بمستوى تعليم أو ثقافة معينة، ثبتت وقائع تحرش ضد حاملي الشهادات العليا كما ثبتت في حق جهل لا يقرءون ولا يكتبون، وهو أيضا ليس مرتبطا بزي، فالمحجبة والمنقبة وغيرهم في ذلك سواء....نعم العقل المريض هو العقل المريض. إنه هذا العقل الذي تحركه مجموعة من الأمراض المرتبطة بالأوهام، خليط عجيب يؤدي بهم لفعل التحرش بكل صوره.
السؤال الذي سألناه نحن مجموعة الصديقات عند لقائنا الأسبوعي، ماذا سنقول لبناتنا أو لأخواتنا عندما يعدن إلى المنزل بدمع غزيرة ومواقف مثل:
"أمسك رجل السوبر ماركت يدي وحاول جري للمخزن...لقد كان وحده في المحل"
"قرصني أحدهم في الباص، إلتفت فلم أجد سوى رجل عجوز في عمر جدي"
"دفعني أحد الأساتذة في المصعد محاولا تقبيلي بعد المحاضرة"
"أمسكني أحد الزملاء من خصري وهو يسير بجواري"
"شعرت بملامسة غير لائقة...والتفت لأجد أحد من عددتهم أخوة أعزاء...ألجمت المفاجأة لساني"
"أرسل لي زميل عرضا مصورا وقحا به صورا لإمرأة تخلع ملابسها...هل أرد بعنف..ماذا أفعل"
"قريبي يضع يده على جسدي بطريقة غير مريحة ومقززة"
"رفع جاري في المواصلة الجريدة المفرودة التي يقرأها لأجده عاريا تماما..."
"طلب مني زميلي في الندوة إستخدام الحاسب الإلكتروني ثم وجدته يقول ممكن نعمل معا في غرفتي ..."
ياله من كابوس...قد تمر به كل أم، كل إمرأة، كل فتاة، كل طفلة، لحظة لا أريد أن أواجهها أبدا عندما تأتيني إبنة أو أخت باكية مشتكية مدير أو زميل أو حتى راكب للمواصلات بجوارها، هل سيختلف رد الفعل لإختلاف الموقف؟؟ هل سنقويها أم نساهم في هزيمتها، وكيف يمكن أن تتجاوز وتتعامل بطبيعية مفرقة بين حدود الأخوة والصداقة وما يغايرهما من السلوك مع الآخر.
كيف لنا أن نقنعهن ونعلمهن أنه بدلا من الإلتفات يكون رد الفعل الأولي لكوع ينغرس في بطن المعتدي، أو أنه بدلا من النظر بدهشة وإرتباك يكون الصراخ والعنف بديلا لنصنع "جرسة للمعتدي لا يفكر بعدها في معاودة الكرة"، أو أن يتناولن الشبشب وعلى دماغه "دب" أو أو أو كل أشكال الأفعال التي تعبر عن الجرأة وعدم الخوف وعن القوة.
المرأة عدوة المرأة، أليس هذا حقيقي لحد ما، ألم نتوقف مرة أمام رد فعل المرأة الأخري التي يُحكي لها أو التي تسمع وتعليقات مثل "بصو يا جماعة أنا عارفاها طول عمرها بتدلع كده...تستاهل" أو"مش عارفة...بس هي اللي تصرفاتها تؤدي لكده"
المعضل الآن هو التعامل مع المتغيرات الإجتماعية المنفتحة عما سبق بذات الإحترام المتعارف عليه إجتماعيا بما لا يسمح بوجدود تجاوزات تهز المكاسب النسائية في المجتمع تعليميا وعمليا وأسريا.
المشكل لن يحل بقانون فقط، وسائل الإعلام عليها معول كبير في أمر كهذا، بدلا من الإعلانات التي تصب في الآذان طوال الوقت لابد من وجود حملات للإرتقاء بسلوك اتلمواطن، حملات كتلك التي تقوم بها منارة إشعاهعية كساقية الصاوي للتعريف بما يجب وبما لا يكون...إلخ. لقد عمت الفوضى في غمار التغيرات الإقتصادية والثقافية وعبر عنها لاسلوك الإجتماعي أفضل تعبير في صور التحرش الفعلي والوقولي والعنف اللفظي والسلوكي ايضا.
إذا ماكان هناك دعوة لشراكة الخاص والعام، وما هو حكومي وما هو أهليى، فمثل هذه الشراكات الآن وقتها للنهوض بهذا المجتمع من كبوته، بدلا من دفن الرؤوس في الرمال والقول العقيم بأننا حضارة السبعة آلاف سنة، ومصر بلد الأمن والأمان، علينا أن ننظر إلى الحقائق، التي قد يلخصها قول بسيط للخميسي في روايته "تاكسي" عندما ركبت إبنته الطالبة في المرحلة الثانوية التاكسي لأول مرة في حياتها بعد طول جدال مع والديها لتجد السائق يسألها "قوليلي بأة...إنتي بتشوفي أفلام جنس؟؟" في ضوء حقائق كهذه لابد أن نخطط لمستقبل أفضل لهذا البلد.
يا إخواني...بلدنا مهدد من الداخل، هذا البلد يحتاج إلى إعادة بناء سلوكي وخلقي لتعود بلادنا التي نحلم بها والتي قال عنها صلاح جاهين:
"على إسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء...
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء..."
__________________________
*لمزيد من المعلومات برجاء زيارة:
هناك تعليقان (2):
ام سليم بوست رائع
كثيرة هى قضايا التحرش هذه الايام
يستخدمون القوة والعقاب ورغم ذلك تزيد القضايا من هذا النوع
وانا ارى السبب هو البعد عن الدين
فمثلا لو ان الولد تعلم من صغره انه يوجد فى الدين كلمة (كما تدين تدان ) اى ما تفعله فى غيرك قد يحدث لاختك او بنتك او..امــك
اما البنت فان التزمت بالزى الاسلامى افضل لها من هذه الملابس وعلى رأى عادل امام فى مسرحية شاهد ما شفش حاجة (كانت لابسة من غير هدوم ياسعادت الباا)
اما الاعلام فإن لله وإنا اليه راجعون ..ان الاعلام ينظر الى هذه القضايا عن طريق منظار العولمة ونسى منظار الدين الا ما رحم ربى
هل اوافقك الرأي ام لا لا اعرف، كل النساء اللواتي عنهن كتبت محجبات، لا توجد قصة واحدة عن إمرأة غير محجبة. إنه السلوك...الحياء، غحترام الذات...على ما اعتقد. شكرا لك على إطلاعك على هذا البوست.
إرسال تعليق