عمي عبد الرحمن....بلا ندم...

انه عيد ميلاد عمي ...فكتب هو في هذه المناسبة:

الاحبه الاخوه والخوات والابناء والبنات اصحابب الشعور الجميل الذين كرمونى بالتهنئه بعيد ميلادى الثالث والسبعين لعلم الجميع واننى الان دخلت الرابعه بعد السبعين
ومع عظيم سرورى بالتهانى والمنيات الظيبه استاذنكم ان اسرد عليكم تاريخ عيد ميلاد ابناء العظيم الكريم الراحل سليم العوا وامهم الرائعه بئر الحنان وينبوع العطا وشجرةالصبر وظل الرحمه والدتنا رحمة الله عليها وامها واخوتها جميعا امين
فى الاربعينات كانيتم ذبح كبش او شراء كميات من اللحم وتحضر امى الفته وعليها قطع اللحم فى صينيه قطرها حوالى متر وتنزلنى اما انا واخوتى او منفدا مع مبروكه التى كانت مقيمه بالمنزل نحبها جدا لكن اكيد لم كن شقيقتنا ونذهب الى مسجد ابوشبانه لان مسجد احمد سالم كان به قبرا وفى مسجد ابو شبانه تنزل مبروكه الصينيه وتقدمها الى خادم امسجد والذى بدوره يشكرها وينادى على المصلين بالمسجد وهم يقبلون على الطعام ويدعونبالخير لمققدمه اما انا صاحب المناسبه فلا اكل وما ينوبنى غير المشوار لكن اشعر بسعاده لان الناس الذين اكلوا يقولون كلمات شكر للهودعاء للطفل بطول العمر وم يكن لى حيله ولا رغبه فى الاعتراض لانى علنتها هكذا
وفى الخمسينات علمت ان عيد الميلاد به تورته وشمع وغناء وتسقيف واطفاء للشموع وهدايا تهدى للمحتفى به فلما فاتحت امى العزيزه قالت لى بابا لا يسمح لان فيه تشبه بغير امور الاسلام ولم اقتنع فاحالتى اى ابى الذى قال لى انتم رجال ولا يصح انتقلدوا الجهال واللذين ليس لديهم التزام بالدين او ما معناه عليك ان تعرف خلال اعامالذى افنيته من عمرك كم حسنه فعلتها فتحمد الله عليها اوذنبا فتسال الله عنه المغفره وان الصينيه ايها انم هى صدقه وتقرب الى الله كرا لانه حفظك من العام الذى افل الى العام الجديد وفرصه اخرى لكى تحسن علاقتك مع الله بالالتزام بالصلاه لوقتها
فى الستينات كبرت شقيقتاى الصغيرتان لكن اكبرهن كانت مهتمه جدا بتتبع خطوات امها فى اجادة الطهى والحلويات وكان الوقت قد تغير وحدة ابى ضد صبيانيتنا خفت لاننا اقتربنا من سن الشباب وهنا دأبت أختى رحمها الله على عمل تورتةالفراوله بالكريم شانتييه اجمل ما يؤكل فى الربيع واجمل ما فيها هى نظرة اختى المليئه بالسعاده وانا التهم الكريمه والفراوله الطبيعيه ذات الرائحه الجميله النفاذه وكلما استطعمنا كلما زادت سعادتها واغتباطها واصبح تقديم توتة الفراوله تعنى التانى عشر من مارس الا الايامالتى كون فيها مسافرا فتقدم يوم حضورى
وهكذا اختى الحبيبه التى اصبحت بعد وفاة امنا هى امنا الصغيره ذات الكلمه المحبوبه والراى الاصوب الذى يبحث ويدل على ما تعتقده حقا وكان لى دوما منكشات لما تقول لاستخرج من قلبها كل معانى الانسانيه والحرص على الرحمه والرفض لاى شبة لمذله وقد عاشت اختى هذه اما لنا جميعا بعد ان رحلت ام الرحمة الى ان ذهبت الى ربها وحيدة بعد ان عجزنا جميعا عن ان نقدم لها ما يريجها فى رقدتها بل ولقد كرهنا عجزنا وحيرتنا وتمنيت لها ان تذهب الى خالقها فلديه الراحة والرحمه واليوم بعد ان جلست لمطالعة الصفحه بعد فترة انشغال تذكرت ان اختى العزيزه قد وعدتنى ان تحمل خطابا منى الى امى ام الرحمه وخزانةالعطاء فهل ياترى وصل خطابى يا بنت أم؟؟؟؟؟
ها هم الحبه يهنئونى وهم لا يدرون كم افتقدك انت وامك وابيك واخوالى واعمامى وجدتى لامى وجدى لابى واهلى واهل امى الذين رحلوا ابناءالحجه سنيه العظيمة العطاء
يانت تهنئونى اشكركم وارجو لكم السعاده لكن ارجوا ان تأخذوا بيدى عزاء لفقد هذا الكم العظيم من الاجباب
فلتكن لكم السعاده ولى الامل فى لقاء الاحباب هنك عند الرحمن الرحيم والتورته هناك لم ترها عين ولا سمعت بها اذان
اللهم ارنا سعادة بلادنا وحرية اوطاننا وسؤدد انتاءنا وعلة شاننا وخير الدنيا والاخره
اليتيم عبدلرحمن سليم العوا

وكان ردي عليه الآتي:


عمي الحبيب جدا..ابكتني كلماتك جدا جدا..كل من تحب احببت ايضا وكل من فقدت فقدت ايضا... وانت تتحدث عن سعاده عينيها الام الصغيرة، عرفت لاول مرة مممن ورثتها، من سعادة اعين الام الكبري...نفس السعادة التي كانت تطل من عينيها عندما امر على منزل 12 شارع شوكت جليم، من وسط البلد في الاسكندرية عندما كنت تدبر لنا الدروس الصيفية، واجد هناك صينية اكل متشالة، فيها صدر الفرخة المحمر الجميل الذهبي..."نينة شيلتي الأكل؟؟ ليه" فترد نينة بصوتها العذب وعيونها الطيبة "الله مش يمكن تيجي"....عمو...على فكرة لا يتم بعد العشرين...

دعوني أحدثكم عن هذا الحبيب الذي كتب الكلمات التي ادمعت عيون الجميع...فبعد التهنئة له..اقول عن عمي عبد الرحمن الذي عرفت...

في الطفولة المبكرة لا اذكر الا ضحكته، ضحكة قوية تطل في عيونه فورا...وحضن كبير ساعنا جميعا...ومطاردة لجدتي من غرفة لغرفة في منزلنا بجليم...كان يسير ورائها دائما مناديا اياها...

في الطفولة التي تلت..هو العم الذي يفرح جدا برؤيتنا بعد عودتنا من السفر، ويمضي الساعات مع ابي في بيت جدي، وياخذنا هو او ابي او هما معا لمكتبة جدي في شارع ابو قير لنأتي بالحلوى (بونوبوني نادلر)...هو العم الذي يشيع البهجه حوله ودائما ما يحكي القصص المثيرة ...العم الذي يقوم ويقول أغرب الاشياء دونما خوف من أحد...والعجيب دونما خناقات من زوجته فقط تضحك...وتاخذ الامور ببساطه وتحبه اكثر...)))حتى احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام...كم قرع بها اناس وانا لا ملك نفسي من الضحك ...واحد كبير بيدي ناس كبار على دماغهم كده (وش).

هو العم الذي كنا نصيف في شقته بالمعمورة...زحمة يا دنيا زحمة اوي...بس حلوة ودافية...ثم عندما زاد العدد (جدا) اصبحنا نصيف في شقة وراء شقته لنكون دوما معا...

في المراهقة...هو العم الذي تُركت لاول مرة في حياتي وحدي في منزله في المعمورة معه ومع اسرته، عندما قرر ابي أنه آن أوان استقلالنا النسبي في المرواح والمجيء...وعمي عبد الرحمن أول من اعطاني ورقة مئة جنيه عندما سالني وانا مقيمة عنده في الصيف...انت معاك فلوس (وكنت خلصت اللي معايا كله) فقلت ايوة...فابتسم واخرج هذه الورقة من محفظته وهو يقول خلي دي معاك يا طنطا (هو الوحيد الذي يقول طنطا)...كنت في اقامتي معه اصحوا معه مبكرا لاستمتع بالكلام معه ولم يكن يشرب القهوة في ذلك الوقت وانما (اللبان الدكر المنقوع ثم فنجان شاي)...كنت احب ان ازنق في يومي اي مشوار في وسط البلد لامر عليه في شركته لاستمتع ايضا بالحديث معه وربما بالعودة معه في البيجو الزرقاء الى المعمورة فنرغي شوية في السكة...

هو العم الذي ما طرأ في حياتنا امر الا قال ابي إسألوا عمكم عبد الرحمن...وعمكم محمود...ويا سبحان الله على اختلافهم جميعا ما اختلفوا على راي ابدا ولا اختلفوا في نصيحة...

هو العم الذي تابعنا صغارا، وكنت اري نظرة العطف الصامت معنا ضد ابوينا في الصغر، واصبح الاعتراض العلني احيانا على مسيرة ابوي في التربية ومنهجهما...وكنت اراه في ذلك الوقت بطلا فقد قال لا لابي وامي)))))) ومازلت اراه بطلا ورجلا لا كالرجال...الم يحرر سفينة من قراصنة...من يفعل هذا في هذا الزمن...عاري اليدين متوكلا على ربه لا ظهر له الا هو؟؟؟

هو من اخذنا ايضا مع ابي وعمو محمود صغارا في بحر المعمورة عشان نواجه الموج ونتعلم العوم...هو من كانت تسمع له امي رحمها الله وتقبل اختلافه معها عن طيب خاطر تام...بل وترجع اليه اذا ما حزبها امر ما في غير وجودابي...

هو من عرفت منه (قطعا) ان الست ست والراجل راجل...مهما ناقشته ...))))

هو من كنت الجأ اليه حتى من وراء امي وابي ولااجد عنده الا الملجا وانا اعرف يقينا انه سيخبر ابي، الذي عادة ما يخبرني ويحل معي الأمر تبعا...

عمي عبد الرحمن هو من وقف الى جواري مراهقة عندما زادتناالمراهقة رهقا...وناقشني وفتح لي قلبه على شدته وحزمة ...كان أبي الحزم والقطع و عمي عبد الرحمن هوالمنفذ طوال سنين عمرنا...رغم اننا سننتهي معه الى نفس النهاية))))عمي عبد الرحمن هو الوجه الآخر لعملة أبي...هذا يقطع وهذا يناقش ثم يقطع ايضا...يناقشان مهعا كل الامور، يتفقان معا على كل ما يفعلان، يخططان معا ...يرعيانا معا,,يكبران معا......

عمي عبد الرحمن بكابه الابيض في صالون المنزل هو الرجل الذي في قلبي وعقلي طاف كل البحار...خاض المعارك...حارب...احب طنط ميمي وخطفها على السفينةوتوجها الى اليونان معا...وهي ايضا احبته كده...بصمت وحياء...وضحكت وهو يلبس اللباس اليمني ويلف به ارجاء الاسكندرية طوال سنين، ثم وهو لا يرتدي الجاكيت في المناسبات...ثم وهو يبيع سياراته الواحدة بعد الاخري ويشتري غيرها غير عابيء لا بالنوع ولا (بالماركة) هو من احكي لسليم الصغير عنه وانه لا يهمه الناس طالما في الحق...
...هو المغامر الحق...الذي غامر في بحر الحياه مؤمنا بربه متوكلا عليه، محبا من حوله بصدق، مفضلا لهم على نفسه بلا ندم، بلا ندم على من خانوا الثقة احيانا، على من طعنوه احيانا اخري،بلا ندم، لانه فوق العباد هناك رب العباد، كريما كحاتم الطائي، كبيرا فوق كل الصغائر... من تعلمت منه كأبي انه كلما كثر عطاؤك كلما وسع الله في رزقك وانا اراه يعطي سرا وعلانيه ربما وهو ليس معه ما يعطيه...

هو رجل المغامرات...رجل لا كالرجال من هذا الزمان...اتمنى من قلبي ان يضع الله في قلب ولدي بعضا مما في قلب عمي عبد الرحمن الذي فيه من جدي قوته ومن جدتي عطفها وحنانها...فيه من ابي ايمانه وفيه من عمي عبدالله اريحته وقلبه الذي ساعنا جميعا...سر هؤلاء الرجال في حياتنا نحن اولادهم...هذا الحب غير المشروط الذي اعطوه لنا دونما انتظار مقابل منا ...حب وعطاء ورعاية واطمئنان...سرهم هو الاسرة والعائلة التي منحونا اياها....نعمة...ودين نسده ان شاء الله جيل وراء جيل...

ولا يكتمل الحديث عن عمي عبد الرحمن دونما الحديث عن طنط ميمي الحبيبة، وعن عمي عبد الله الضلع الثالث في مثلث اولاد جدي سليم العوا رحمه الله، عمي عبدالله الذي عرفت واكتشفت في سن تلت تلك السن التي عرفت فيها عمي عبد الرحمن...ولهذا الحديث اوان آخر...

حفظهم الله جميعا...وابقاهم لنا ذخرا وسندا

هناك تعليقان (2):

ahmed mahmoud salama يقول...

بارك الله فيكم ياعائلة سليم العوا -
انتم بحق عائلة من الزمن الجميل

Dr.Islam Asem يقول...

ارجوان تحكى لنا اكثر عن هذان المسجدان ابو شبانة و احمد سالمولك جزيل الشكر